فيه تهديد أي : أفاليوم ننجيك؟ فهلا كان الإيمان قبل الإشراف على الهلاك ، وهذا بعيد لحذف همزة الاستفهام ولقوله : لتكون لمن خلفك آية ، لأنّ التعليل لا يناسب هنا الاستفهام. قال ابن عباس : ننجيك نلقيك بنجوة من الأرض وهي المكان المرتفع ، وببدنك بدرعك ، وكان من لؤلؤ منظوم لا مثال له. وقيل : من ذهب. وقيل : من حديد وفيها سلاسل من ذهب. والبدن بدن الإنسان ، والبدن الدرع القصيرة. قال :
ترى الأبدان فيها مسبغات |
|
على الأبطال والكلب الحصينا |
يعني : الدروع. وقال عمرو بن معدي كرب :
أعاذل شكتي بدني وسيفي |
|
وكل مقلص سلس القياد |
وكانت له درع من ذهب يعرف بها. وقيل : نلقيك ببدنك عريانا ليس عليك ثياب ولا سلاح ، وذلك أبلغ في إهانته. وقيل : نخرجك صحيحا لم يأكلك شيء من الدواب. وقيل : بدنا بلا روح قاله مجاهد. وقيل : نخرجك من ملكك وحيدا فريدا. وقيل : نلقيك في البحر من النجاء ، وهو ما سلخته عن الشاة أو ألقيته عن نفسك من ثياب أو سلاح. وقيل : نتركك حتى تغرق ، والنجاء الترك. وقيل : نجعلك علامة ، والنجاء العلامة. وقيل : نغرقك من قولهم : نجى البحر أقواما إذا أغرقهم. وقال الكرماني : يحتمل أن يكون من النجاة وهو الإسراع أي : نسرع بهلاكك. وقيل : معنى ببدنك بصورتك التي تعرف بها ، وكان قصيرا أشقر أزرق قريب اللحية من القامة ، ولم يكن في بني إسرائيل شبيه له يعرفونه بصورته ، وببدنك إذا عنى به الجثة تأكيد كما تقول : قال فلان بلسانه وجاء بنفسه.
وقرأ يعقوب : ننجيك مخففا مضارع أنجى. وقرأ أبيّ ، وابن السميقع ، ويزيد البربري : ننحيك بالحاء المهملة من التنحية. ورويت عن ابن مسعود أي : نلقيك بناحية مما يلي البحر. قال كعب : رماه البحر إلى الساحل كأنه ثور. وقرأ أبو حنيفة : بأبدانك أي بدروعك ، أو جعل كل جزء من البدن بدنا كقولهم : شابت مفارقه. وقرأ ابن مسعود ، وابن السميقع : بندائك مكان ببدنك ، أي : بدعائك ، أي بقولك آمنت إلى آخره. لنجعلك آية مع ندائك الذي لا ينفع ، أو بما ناديت به في قومك. ونادى فرعون في قومه فحشر فنادى فقال : أنا ربكم الأعلى ، ويا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري. ولما كذبت بنو إسرائيل بغرق فرعون رمى به البحر على ساحله حتى رأوه قصيرا أحمر كأنه ثور. لمن خلفك لمن وراءك علامة وهم بنو إسرائيل ، وكان في أنفسهم أن فرعون أعظم شأنا من أن