السنين والحساب عند العرب. وقال ابن عطية : ويحتمل أن يريدهما معا بحسب أنهما مصرفان في معرفة عدد السنين والحساب ، لكنه اجتزئ بذكر أحدهما كما قال : (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) (١) وكما قال الشاعر :
رماني بأمر كنت منه ووالدي |
|
بريئا ومن أجل الطوى رماني |
والمنازل هي البروج ، وكانت العرب تنسب إليها الأنواء ، وهي ثمانية وعشرون منزلة : الشرطين ، والبطين ، والثريا ، والدبران ، والهقعة ، والهنعة ، والذراع ، والنثرة ، والطرف ، والجبهة ، والدبرة ، والصرفة ، والعواء ، والسماك ، والغفر ، والزبانان ، والإكليل ، والقلب ، والشولة ، والنعائم ، والبلدة ، وسعد الذابح ، وسعد بلغ ، وسعد السعود ، وسعد الأخبية ، والفرع المؤخر ، والرشاء وهو الحوت. واللام متعلقة بقوله : وقدره منازل. قال الأصمعي : سئل أبو عمرو عن الحساب ، أفبنصبه أو بجره؟ فقال. ومن يدري ما عدد الحساب؟ انتهى. يريد أنّ الجر إنما يكون مقتضيا أنّ الحساب يكون يعلم عدده ، والحساب لا يمكن أن يعلم منتهى عدده والحساب حساب الأوقات من الأشهر والأيام والليالي مما ينتفع به في المعاش والإجارات وغير ذلك مما يضطر فيه إلى معرفة التواريخ. وقيل : اكتفى بذكر عدد السنين عن عدد الشهور ، وكنى بالحساب عن المعاملات ، والإشارة بذلك إلى مخلوقه. وذلك يشار بها إلى الواحد ، وقد يشار بها إلى الجمع. ومعنى بالحق متلبسا بالحق الذي هو الحكمة البالغة ، ولم يخلقه عبثا كما جاء (رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً) (٢) (وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِ) (٣) وقال ابن جرير : الحق هنا هو الله تعالى ، والمعنى : ما خلق الله ذلك إلا بالله وحده لا شريك معه انتهى. وما قاله تركيب قلق ، إذ يصير ما ضرب زيد عمرا إلا بزيد. وقيل : الباء بمعنى اللام ، أي للحق ، وهو إظهار صنعته وبيان قدرته ودلالة على وحدانيته. وقرأ ابن مصرف : والحساب بفتح الحاء ، ورواه أبو توبة عن العرب. وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وحفص : يفصل بالياء جريا على لفظة الله ، وباقي السبعة بالنون على سبيل الالتفات والإخبار بنون العظمة ، وخص من يعلم بتفصيل الآيات لهم ، لأنهم الذين ينتفعون بتفصيل الآيات ، ويتدبرون بها في الاستدلال والنظر الصحيح. والآيات العلامات الدالة أو آيات القرآن.
__________________
(١) سورة التوبة : ٩ / ٦٢.
(٢) سورة آل عمران : ٣ / ١٩١.
(٣) سورة الدخان : ٤٤ / ٣٨ ـ ٣٩.