إبراهيم بثلاث بشائر : بالولد ، وبالخلة ، وبإنجاء لوط ومن آمن معه. قيل : كانوا اثنى عشر ملكا ، روى ذلك عن ابن عباس. وقال السدي : أحد عشر ، وحكى صاحب الغنيان عشرة منهم جبريل. وقال الضحاك : تسعة ، وقال محمد بن كعب : ثمانية ، وحكى الماوردي : أربعة ، وقال ابن عباس وابن جبير : ثلاثة جبريل ، وميكائيل ، وإسرافيل. وقال مقاتل : جبريل ، وميكائيل ، وملك الموت. وروي : أن جبريل عليهالسلام كان مختصا بإهلاك قوم لوط ، وميكائيل ببشرى إبراهيم بإسحاق عليهماالسلام ، وإسرافيل بإنجاء لوط ومن آمن معه. قيل : وكانت الملائكة جردا مردا على غاية من الحسن والجمال والبهجة ، ولهذا يضرب بهم المثل في الحسن كما قال تعالى حكاية عما قيل في يوسف : (ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) (١) وقال الغزي :
قوم إذا قوبلوا كانوا ملائكة |
|
حسنا وإن قوتلوا كانوا عفاريتا |
وانتصب سلاما على إضمار الفعل أي : سلمنا عليك سلاما ، فسلاما قطعه معمولا للفعل المضمر المحكي بقالوا ، قال ابن عطية : ويصح أن يكون سلاما حكاية لمعنى ما قالوا ، لا حكاية للفظهم ، قاله : مجاهد ، والسدي. ولذلك عمل فيه القول ، كما تقول لرجل قال : لا إله إلا الله قلت : حقا وإخلاصا ، ولو حكيت لفظهم لم يصح أن يعمل فيه القول انتهى. ويعني لم يصح أن يعمل في لفظهم القول ، يعني في اللفظ ، وإن كان ما لفظوا به في موضع المفعول للقول. وسلام خبر مبتدأ محذوف أي : أمري أو أمركم سلام ، أو مبتدأ محذوف الخبر أي : عليكم سلام ، والجملة محكية وإن كان حذف منها أحد جزءيها كما قال :
إذا ذقت فاها قلت طعم مدامة
أي طعمه طعم مدامة.
وقرأ الإخوان قال : سلم ، والسلم السلام كحرم وحرام ، ومنه قول الشاعر :
مررنا فقلنا ايه سلم فسلمت |
|
كما اكتل بالبرق الغمام اللوائح |
اكتل اتخذ إكليلا. قال ابن عطية : ويحتمل أن يريد بالسلم ضد الحرب تقول : نحن سلم لكم انتهى. ونصب سلاما يدل على التجدد ، ورفع سلام يدل على الثبوت
__________________
(١) سورة يوسف : ١٢ / ٣١.