الذي نهيتكم عنه من نقص الكيل والوزن واستأثر بالمال قاله : ابن عطية. وقال قتادة : لم أكن لأنهاكم عن أمر ثم أرتكبه. وقال صاحب الغنيان : ما أريد أن أخالفكم في السرّ إلى ما أنهاكم عنه في العلانية. ويقال : خالفني فلان إلى كذا إذا قصده وأنت مولّ عنه ، وخالفني عنه إذا ولّى عنه وأنت قاصده ، ويلقاك الرجل صادرا عن الماء فتسأله عن صاحبه فتقول : خالفني إلى الماء ، تريد أنه قد ذهب إليه واردا ، وأنا ذاهب عنه صادرا. والمعنى أنّ أسبقكم إلى شهواتكم التي نهيتكم عنها لاستبد بها دونكم ، فعلى هذا الظاهر أن قوله : أن أخالفكم في موضع المفعول لأريد ، أي وما أريد مخالفتكم ، ويكون خالف بمعنى خلف نحو : جاوز وجاز أي : وما أريد أن أخلفكم أي : أكون خلفا منكم. وتتعلق إلى باخالفكم ، أو بمحذوف أي : مائلا إلى ما أنهاكم عنه ، ولذلك قال بعضهم : فيه حذف يقتضيه إلى تقديره : وأميل إلى ، أو يبقى أن أخالفكم على ظاهر ما يفهم من المخالفة ، ويكون في موضع المفعول به بأريد ، وتقدر : مائلا إلى ، أو يكون أن أخالفكم مفعولا من أجله ، وتتعلق إلى بقوله وما أريد بمعنى ، وما أقصد أي : وما أقصد لأجل مخالفتكم إلى ما أنهاكم عنه ، ولذلك قال الزجاج : وما أقصد بخلافكم إلى ارتكاب ما أنهاكم عنه. والظاهر أن ما مصدرية ظرفية أي مدة استطاعتي للإصلاح ، وما دمت متمكنا منه لا آلوا فيه جهدا. وأجاز الزمخشري في ما وجوها أحدها : أن يكون بدلا من الإصلاح أي : المقدر الذي استطعته ، أو على حذف مضاف تقديره : إلا الإصلاح إصلاح ما استطعت ، فهذان وجهان في البدل. والثالث : أن يكون مفعولا كقوله :
ضعيف النكاية أعداءه. أي ما أريد إلا أن أصلح ما استطعت إصلاحه من فاسدكم ، وهذا الثالث ضعيف ، لأن المصدر المعرّف بأل لا يجوز إعماله في المفعول به عند الكوفيين ، وأما البصريون فإعماله عندهم فيه قليل.
وما توفيقي أي لدعائكم إلى عبادة الله وحده ، وترك ما نهاكم عنه إلا بمعونة الله. أو وما توفيقي لأن تكون أفعالي مسددة موافقة لرضا الله إلا بمعونته ، عليه توكلت لا على غيره ، وإليه أنيب أرجع في جميع أقوالي وأفعالي. وفي هذا طلب التأييد من الله تعالى ، وتهديد للكفار وحسم لأطماعهم أن ينالوه بشر. ومعنى لا يجرمنكم : لا يكسبنكم شقاقي ، أي خلافي وعداوتي. قال السدي : كأنه في شق وهم في شق. وقال الحسن : ضراري جعله من المشقة. وقيل : فراقي. وقرأ ابن وثاب والأعمش : بضم الياء من أجرم ، ونسبها الزمخشري إلى ابن كثير ، وجرم في التعدية مثل كسب يتعدى إلى واحد. جرم فلان