الرَّحْمنُ) (١) هو ناصب كقوله : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا) (٢) والمراد بإتيان اليوم إتيان أهواله وشدائده ، إذ اليوم لا يكون وقتا لإتيان اليوم.
وأجاز الزمخشري أن يكون فاعل يأتي ضميرا عائدا على الله قال : كقوله : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ) (٣) (أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ) (٤) وجاء ربك ، ويعضده قراءة وما يؤخره بالياء ، وقوله : (بِإِذْنِهِ) (٥) وأجاز أيضا أن ينتصب يوم يأتي باذكر أو بالانتهاء المحذوف في قوله : إلا لأجل معدود ، أي ينتهي الأجل يوم يأتي. وأجاز الحوفي أن يكون لا تكلم حالا من ضمير اليوم المتقدم في مشهود ، أو نعتا لأنه نكرة ، والتقدير : لا تكلم نفس فيه يوم يأتي إلا بإذنه. وقال ابن عطية : لا تكلم نفس ، يصح أن يكون جملة في موضع الحال من الضمير الذي في يأتي ، وهو العائد على قوله ذلك يوم ، ويكون على هذا عائد محذوف تقديره : لا تكلم نفس فيه إلا بإذنه. ويصح أن يكون قوله : لا تكلم نفس ، صفة لقوله : يوم يأتي ، أو يوم يأتي يراد به الحين والوقت لا النهار بعينه. وما ورد في القرآن من ذكر كلام أهل الموقف في التلازم والتساؤل والتجادل ، فإما أن يكون بإذن الله ، وإما أن يكون هذه مختصة هنا في تكلم شفاعة أو إقامة حجة انتهى. وكلامه في إعراب لا تكلم كأنه منقول من كلام الحوفي. وقيل : يوم القيامة يوم طويل له مواقف ، ففي بعضها يجادلون عن أنفسهم ، وفي بعضها يكفون عن الكلام فلا يؤذن لهم ، وفي بعضها يؤذن لهم فيتكلمون ، وفي بعضها يختم على أفواههم وتكلم أيديهم وتشهد أرجلهم ، والضمير في منهم عائد على الناس في قوله : مجموع له الناس. وقال الزمخشري : الضمير لأهل الموقف ، ولم يذكروا إلا أن ذلك معلوم ، ولأنّ قوله : لا تكلم نفس ، يدل عليه ، وقد مرّ ذكر الناس في قوله : مجموع له الناس. وقال ابن عطية : فمنهم عائد على الجميع الذي تضمنه قوله : نفس ، إذ هو اسم جنس يراد به الجميع انتهى. قال ابن عباس : الشقي من كتبت عليه الشقاوة ، والسعيد الذي كتبت له السعادة. وقيل : معذب ومنعم ، وقيل : محروم ومرزوق ، وقيل : الضمير في منهم عائد على أمة محمد صلىاللهعليهوسلم ، ذكره ابن الأنباري.
(فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ
__________________
(١) سورة النبأ : ٧٨ / ٣٨.
(٢) سورة النبأ : ٧٨ / ٣٨.
(٣) سورة البقرة : ٢ / ٢١٠.
(٤) سورة النحل : ١٦ / ٣٣.
(٥) سورة البقرة : ٢ / ٢٥٥.