الفوف ، فيكون هذا استعارة لتأثيره في القميص ، كتأثير ذلك في الأظافير. قال : بل سولت هنا محذوف تقديره : لم يأكله الذئب ، بل سولت. قال ابن عباس : أمرتكم أمرا ، وقال قتادة : زينت ، وقيل : رضيت أمرا أي : صينعا قبيحا. وقيل : سهلت. فصبر جميل أي : فأمري صبر جميل ، أو فصبر جميل أمثل. وقرأ أبي ، والأشهب ، وعيسى بن عمر : فصبرا جميلا بنصبهما ، وكذا هي في مصحف أبيّ ، ومصحف أنس بن مالك. وروي كذلك عن الكسائي. ونصبه على المصدر الخبري أي : فاصبر صبرا جميلا. قيل : وهي قراءة ضعيفة عند سيبويه ، ولا يصلح النصب في مثل هذا إلا مع الأمر ، وكذلك يحسن النصب في قوله :
شكا إلي جملي طول السرى |
|
صبرا جميلا فكلانا مبتلى |
ويروى صبر جميل في البيت. وإنما تصح قراءة النصب على أن يقدر أنّ يعقوب رجع إلى مخاطبة نفسه فكأنه قال : فاصبري يا نفس صبرا جميلا. وفي الحديث : «أن الصبر الجميل أنه الذي لا شكوى فيه» أي : إلى الخلق. ألا ترى إلى قوله : (إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ) (١) وقيل : أتجمل لكم في صبري فلا أعاشركم على كآبة الوجه ، وعبوس الجبين ، بل على ما كنت عليه معكم. وقال الثوري : من الصبر أن لا تحدث بما يوجعك ولا بمصيبتك ولا تبكي نفسك. والله المستعان أي : المطلوب منه العون على احتمال ما تصفون من هلاك يوسف ، والصبر على الرزية. وجاءت سيارة قيل : كانوا من مدين قاصدين إلى مصر ، وقيل : في الكلام حذف تقديره : وأقام يوسف في الجب ثلاثة أيام ، وكان أخوه يهوذا يأتيه بالطعام خفية من إخوته. وقيل : جاءت السيارة في اليوم الثاني من طرحه في الجب. وقيل : كان التسبيح غذاءه في الجب. قيل : وكانت السيارة تائهة تسير من أرض إلى أرض ، وقيل : سيارة في الطريق أخطؤوه فنزلوا قريبا من الجب ، وكان في قفرة بعيدة من العمران لم تكن إلا للرعاة ، وفيهم مالك بن دعر الخزاعي فأرسلوه ليطلب لهم الماء. والوارد الذي يرد الماء ليستقي للقوم ، وإضافة الوارد للضمير كإضافته في قوله : ألقيت كاسبهم. ليست إضافة إلى المفعول ، بل المعنى الذي يرد عليهم والذي يكسب لهم. والظاهر أن الوارد واحد. وقال ابن عطية : والوارد هنا يمكن أن يقع على الواحد وعلى جماعة انتهى. وحمل على معنى السيارة في قوله : فأرسلوا ، ولو حمل على اللفظ لكان الترتيب فأرسلت واردها. فأدلى دلوه أي : أرسلها ليستقي الماء قال : يا بشراي. في
__________________
(١) سورة يوسف : ١٢ / ٨٦.