عاما ، وأنّ وجده عليه وجد سبعين ثكلى ، وأجره أجر مائة شهيد. وقال الزمخشري : فهو كظيم ، فهو مملوء من الغيظ على أولاده ، ولا يظهر ما يسوؤهم انتهى. وقد ذكرنا أنّ فعيلا بمعنى مفعول لا ينقاس ، وجواب القسم تفتؤ حذفت منه ، لا لأنّ حذفها جائز ، والمعنى : لا تزال. وقال مجاهد : لا تفتر من حبه ، كأنه جعل الفتوء والفتور أخوين ، والحرض الذي قدرنا موته. قال مجاهد : ما دون الموت. وقال قتادة : البالي الهرم ، وقال نحوه : الضحاك والحسن. وقال ابن إسحاق : الفاسد الذي لا عقل له. وكأنهم قالوا له ذلك على جهة تفنيد الرأي أي : لا تزال تذكر يوسف إلى حال القرب من الهلاك ، أو إلى أن تهلك فقال هو : إنما أشكو بثي وحزني إلى الله أي : لا أشكو إلى أحد منكم ، ولا غيركم. وقال أبو عبيدة وغيره : البث أشدّ الحزن ، سمي بذلك لأنه من صعوبته لا يطيق حمله ، فيبثه أي ينشره. وقرأ الحسن وعيسى : وحزني بفتحتين. وقرأ قتادة : بضمتين. وأعلم من الله ما لا تعلمون أي : أعلم من صنعه ورحمته وحسن ظني به أنه يأتي بالفرج من حيث لا أحتسب ، قاله الزمخشري. وقال ابن عطية : ويحتمل أنه أشار إلى الرؤيا المنتظرة ، أو إلى ما وقع في نفسه من قول ملك مصر إني أدعو له برؤيته ابنه قبل الموت. وقيل : رأى ملك الموت في منامه فسأله : هل قبضت روح يوسف؟ فقال : لا ، هو حي فاطلبه. اذهبوا : أمر بالذهاب إلى الأرض التي جاؤوا منها وتركوا بها أخويهم بنيامين والمقيم بها ، وأمرهم بالتحسس وهو الاستقصاء ، والطلب بالحواس ، ويستعمل في الخير والشر. وقرىء : بالجيم ، كالذي في الحجرات : (وَلا تَجَسَّسُوا) (١) والمعنى : فتحسسوا نبأ من أمر يوسف وأخيه ، وإنما خصهما لأن الذي أقام وقال : فلن أبرح الأرض ، إنما أقام مختارا. وقرأ الجمهور : تيأسوا ، وفرقة : تأيسوا. وقرأ الأعرج : تئسوا بكسر التاء. وروح الله رحمته ، وفرجه ، وتنفيسه. وقرأ عمر بن عبد العزيز ، والحسن ، وقتادة : من روح الله بضم الراء. قال ابن عطية : وكان معنى هذه القراءة لا تيأسوا من حي معه روح الله الذي وهبه ، فإنّ من بقي روحه يرجى. ومن هذا قول الشاعر : وفي غير من قدورات الأرض فاطمع ومن هذا قول عبيد بن الأبرص :
وكل ذي غيبة يؤوب |
|
وغائب الموت لا يؤوب |
__________________
(١) سورة الحجرات : ٤٩ / ١٢.