الاستفهام ، والخلاف في تحقيق الهمزتين ، أو تليين الثانية وإدخال ألف في التليين ، أو التحقيق مذكور في القراآت السبع. وقرأ قتادة ، وابن محيصن ، وابن كثير : إنك بغير همزة استفهام ، والظاهر أنها مرادة. ويبعد حمله على الخبر المحض ، وقد قاله بعضهم لتعارض الاستفهام والخبر إن اتحد القائلون في القول وهو الظاهر ، فإن قدر أنّ بعضا استفهم وبعضا أخبر ، ونسب في كل من القراءتين إلى المجموع قول بعضهم : أمكن ، وهو مع ذلك بعيد. وقرأ أبي : أإنك ، أو أنت يوسف. وخرجه ابن جني على حذف خبر إن وقدره : أإنك لأنت يوسف ، أو أنت يوسف. وقدره الزمخشري : أإنك يوسف ، أو أنت يوسف ، فحذف الأول لدلالة الثاني عليه قال : وهذا كلام مستعجب مستغرب لما يسمع ، فهو يكرر الاستثبات انتهى. وحكى أبو عمرو الداني في قراءة أبي بن كعب قالوا : أو أنت يوسف؟ وفي قراءة الجمهور : أإنك لأنت ، يجوز أن تكون اللام دخلت على أنت ، وهو فصل. وخبر إنّ يوسف كما تقول : إن كان زيد لهو الفاضل. ويجوز أن تكون دخلت على أنت وهو مبتدأ ، ويوسف خبره ، والجملة في موضع خبر إن. ولا يجوز أن يكون أنت توكيدا للضمير الذي هو اسم إن لحيلولة اللام بينهما. ولما استفهموه أجابهم فقال : أنا يوسف كاشفا لهم أمره ، وزادهم في الجواب قوله : وهذا أخي ، لأنه سبق قوله : هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه؟ وكان في ذكر أخيه بيان لما سألوا عنه ، وإن كان معلوما عندهم وتوطئة لما ذكر بعد من قوله : قد منّ الله علينا أي : بالاجتماع بعد الفرقة والأنس بعد الوحشة. ثم ذكر أنّ سبب منّ الله عليه هو بالتقوى والصبر ، والأحسن أن لا تخص التقوى بحالة ولا الصبر. وقال مجاهد : من يتقي في تركه المعصية ويصبر في السجن. وقال النخعي : من يتقي الزنا ويصبر على العزوبة. وقيل : ومن يتق الله ويصبر على المصائب. وقال الزمخشري : من يتق ، من يخف الله وعقابه ، ويصبر عن المعاصي ، وعلى الطاعات. وقيل : من يتقي معاصي الله ، ويصبر على أذى الناس ، وهذه كلها تخصيصات بحسب حالة يوسف ونوازله.
وقرأ قنبل : من يتقي ، فقيل : هو مجزوم بحذف الياء التي هي لام الكلمة ، وهذه الياء إشباع. وقيل : جزمه بحذف الحركة على لغة من يقول : لم يرمى زيد ، وقد حكوا ذلك لغة. وقيل : هو مرفوع ، ومن موصول بمعنى الذي ، وعطف عليه مجزوم وهو : ويصبر ، وذلك على التوهم. كأنه توهم أن من شرطية ، ويتقي مجزوم. وقيل : ويصبر مرفوع عطفا على مرفوع ، وسكنت الراء لا للجزم ، بل لتوالي الحركات ، وإن كان ذلك من كلمتين ، كما سكنت في يأمركم ، ويشعركم ، وبعولتهن ، أو مسكنا للوقف ، وأجرى الوصل مجرى