قتادة : الرحم. وقيل : صلة الإيمان بالعمل. وقيل : صلة قرابة الإسلام بإفشاء السلام ، وعيادة المرضى ، وشهود الجنائز ، ومراعاة حق الجيران ، والرفقاء ، والأصحاب ، والخدم. وقيل : نصرة المؤمنين. وأمر يتعدى إلى اثنين بحرف جر وهو به ، والأول محذوف تقديره : ما أمرهم الله به. وأن يوصل في موضع جر بدل من الضمير أي : بوصله. ويخشون ربهم أي : وعيده كله. ويخافون سوء الحساب أي : استقصاءه فيحاسبون أنفسهم قبل أن يحاسبوا. وقيل : يخشون ربهم يعظمونه. وقيل : في قطع الرحم. وقيل : في جميع المعاصي. وقيل : فيما أمرهم بوصله. وصبروا مطلق فيما يصبر عليه من المصائب في النفوس والأموال ، وميثاق التكليف. وجاءت الصلة هنا بلفظ الماضي ، وفي الموصلين قبل بلفظ المضارع في قوله : الذين يوفون ، والذين يصلون ، وما عطف عليهما على سبيل التفنن في الفصاحة ، لأنّ المبتدأ هنا في معنى اسم الشرط بالماضي كالمضارع في اسم الشرط ، فكذلك فيما أشبهه ، ولذلك قال النحويون : إذا وقع الماضي صلة أو صفة لنكرة عامة احتمل أن يراد به المضي ، وأن يراد به الاستقبال. فمن المراد به المضي في الصلة (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ) (١) ومن المراد به الاستقبال (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ) (٢). ويظهر أيضا أن اختصاص هذه الصلة بالماضي وتينك بالمضارع ، أن تينك الصلتين قصد بهما الاستصحاب والالتباس دائما ، وهذه الصلة قصد بها تقدمها على تينك الصلتين ، وما عطف عليهما ، لأنّ حصول تلك الصلات إنما هي مترتبة على حصول الصبر وتقدمه عليها ، ولذلك لم تأت صلة في القرآن إلا بصيغة الماضي ، إذ هو شرط في حصول التكاليف وإيقاعها والله أعلم. وانتصب ابتغاء قيل : على أنه مصدر في موضع الحال ، والأولى أن يكون مفعولا لأجله أي : إنّ صبرهم هو لابتغاء وجه الله خالصا ، لا لرجاء أن يقال : ما أصبره ، ولا مخافة أن يعاب بالجزع ، أو تشمت به الأعداء كما قال :
وتجلدي للشامتين أريهم |
|
أني لريب الدهر لا أتضعضع |
ولأنّ الجزع لا طائل تحته ، أو يعلم أنه لا مرد لما فات ولا لما وقع. والظاهر في معنى الوجه هنا جهة الله أي : الجهة التي تقصد عنده تعالى بالحسنات لتقع عليها المثوبة ، كما تقول : خرج زيد لوجه كذا. ونبه على هاتين الخصلتين : العبادة البدنية ، والعبادة المالية ، إذ هما عمود الدين ، والصبر عليهما أعظم صبر لتكرر الصلوات ، ولتعلق النفوس
__________________
(١) سورة آل عمران : ٣ / ١٧٣.
(٢) سورة المائدة : ٥ / ٣٤.