يجتمع منه شيء انتهى. وهذا القول الذي رجحه ابن عطية قال الحوفي ، وهو لا يجوز ، لأن الجملة الواقعة خبرا عن المبتدأ الأول الذي هو مثل عارية من رابط يعود على المثل ، وليست نفس المبتدأ في المعنى ، فلا تحتاج إلى رابط. وأعمال الكفرة المكارم التي كانت لهم من صلة الأرحام ، وعتق الرقاب ، وفداء الأسارى ، وعقر الإبل للأضياف ، وإغاثة الملهوفين ، والإجارة ، وغير ذلك. شبهها في حبوطها وذهابها هباء منثورا لبنائها على غير أساس من معرفة الله والإيمان به ، وكونها لوجهه برماد طيرته الريح العاصف. وقرأ نافع ، وأبو جعفر : الرياح على الجمع ، والجمهور على الأفراد. ووصف اليوم بقوم عاصف ، وإن كان من صفة الريح على سبيل التجوز ، كما قالوا : يوم ما حل وكيل نائم. وقال الهروي : التقدير في يوم عاصف الريح ، فحذف لتقدم ذكرها كما قال الشاعر :
إذا جاء يوم مظلم الشمس كاسف
يريد كاسف الشمس. وقيل : عاصف من صفة الريح ، إلا أنه لما جاء بعد اليوم اتبع إعرابه كما قيل : جحر ضب خرب ، يعني : إنه خفض على الجوار. وقرأ ابن أبي إسحاق ، وإبراهيم بن أبي بكر عن الحسن : في يوم عاصف على إضافة اليوم لعاصف ، وهو على حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه ، تقديره : في يوم ريح عاصف. وتقدم تفسير العصوف في يونس في قوله : (جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ) (١) وعلى قول من أجاز إضافة الموصوف إلى صفته يجوز أن تكون القراءة منه : لا يقدرون يوم القيامة مما كسبوا من أعمالهم على شيء ، أي : لا يرون له أثرا من ثواب ، كما لا يقدر من الرماد المطير بالريح على شيء. وقيل : لا يقدرون من ثواب ما كسبوا ، فهو على حذف مضاف. وفي الصحيح عن عائشة رضياللهعنها قالت : يا رسول الله ، إنّ ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ، ويطعم المسكين ، هل ذلك نافعه؟ قال : «لا ينفعه لأنه لم يقل رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين» وفي الصحيح أيضا : «إن الكافر ليطعم بحسناته في الدنيا ما عمل لله منها» ذلك إشارة إلى كونهم بهذه الحال. وعلى مثل هذا الغرر البعيد الذي يعمق فيه صاحبه ، وأبعد عن طريق النجاة ، والبعيد عن الحق ، أو الثواب. وفي البقرة : (لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا) (٢) على شيء من التفنن في الفصاحة ، والمغايرة في التقديم والتأخير ، والمعنى واحد.
__________________
(١) سورة يونس : ١٠ / ٢٢.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ٢٦٤.