الحقيق بأن يعبد ويخاف عقابه ، ويرجى ثوابه في دار الجزاء انتهى. وبرزوا : أي ظهروا من قبورهم إلى جزاء الله وحسابه. وقال الزمخشري : ومعنى بروزهم لله ، والله تعالى لا يتوارى عنه شيء حتى يبرز أنهم كانوا يستترون من العيون عند ارتكاب الفواحش ، ويظنون أنّ ذلك خاف على الله ، فإذا كان يوم القيامة انكشفوا لله عند أنفسهم ، وعلموا أن الله لا تخفى عليه خافية. وقال ابن عطية : وبرزوا معناه صاروا بالبراز وهي الأرض المتسعة ، فاستعير ذلك لجميع يوم القيامة. وقال أبو عبد الله الرازي : تأويل الحكماء أنّ النفس إذا فارقت الجسد فكأنه زال الغطاء وبقيت متجردة بذاتها عارية عن كل ما سواها ، وذلك هو البروز لله تعالى. وهذا الرجل كثيرا ما يورد كلام الفلاسفة وهم مباينون لأهل الشرائع في تفسير كلام الله تعالى المنزل بلغة العرب ، والعرب لا تفهم شيئا من مفاهيم أهل الفلسفة ، فتفسيرهم كاللغز والأحاجي ، ويسميهم هذا الرجل حكماء ، وهم من أجهل الكفرة بالله تعالى وبأنبيائه. والضمير في وبرزوا عائد على الخلق المحاسبين ، وعبر بلفظ الماضي لصدق المخبر به ، فكأنه قد وقع. وقرأ زيد بن علي : وبرزوا مبنيا للمفعول ، وبتشديد الراء. والضعفاء : الأتباع ، والعوام. وكتب بواو في المصحف قبل الهمزة على لفظ من يفخم الألف قبل الهمزة فيميلها إلى الواو ، ومثله علمؤا بني إسرائيل. والذين استكبروا : هم رؤساؤهم وقاداتهم ، استغووا الضعفاء واستتبعوهم. واستكبروا تكبروا ، وأظهروا تعظيم أنفسهم. أو استكبروا عن اتباع الرسل وعبادة الله. وتبعا : يحتمل أن يكون اسم جمع لتابع ، كخادم وخدم ، وغائب وغيب. ويحتمل أن يكون مصدرا كقوله : عدل ورضا. وهل أنتم مغنون؟ استفهام معناه توبيخهم إياهم وتقريعهم ، وقد علموا أنهم لن يغنوا والمعنى : إنا اتبعناكم فيما كنتم فيه من الضلال كما أمرتمونا وما أغنيتم عنا شيئا ، فلذلك جاء جوابعهم : لو هدانا الله لهديناكم ، أجابوا بذلك على سبيل الاعتذار والخجل ورد الهداية لله تعالى ، وهو كلام حق في نفسه. وقال الزمخشري : من الأولى للتبيين ، والثانية للتبعيض ، كأنه قيل : هل أنتم مغنون عنا بعض الشيء الذي هو عذاب الله؟ ويجوز أن يكونا للتبعيض معا بمعنى : هل أنتم مغنون عنا بعض شيء ، هو بعض عذاب الله أي : بعض بعض عذاب الله انتهى. وهذان التوجيهان اللذان وجههما الزمخشري في من في المكانين يقتضي أولهما التقديم في قوله : من شيء على قوله : من عذاب الله ، لأنه جعل من شيء هو المبين بقوله : من عذاب الله. ومن التبيينية يتقدم عليها ما تبينه ، ولا يتأخروا لتوجيه لثاني ، وهو بعض شيء ، هو بعض العذاب يقتضي أن يكون بدلا ، فيكون بدل عام