أي شيء يستطاع. وقيل : ليست بزائدة ، والتقدير : مقدر بمثلها أو مستقر بمثلها. وقيل : محذوف ، فقدّره الحوفي : لهم جزاء سيئة قال : ودل على تقدير لهم قوله : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى) (١) حتى تشاكل هذه بهذه. وقدره أبو البقاء جزاء سيئة بمثلها واقع ، والباء في قولهما متعلقة بقوله : جزاء ، والعائد من هذه الجملة الواقعة خبرا عن الذين محذوف تقديره : جزاء سيئة منهم ، كما حذف في قولهم : السمن منوان بدرهم ، أي منوان منه بدرهم. وعلى تقدير الحوفي : لهم جزاء يكون الرابط لهم. الثاني : أنّ الخبر قوله : ما لهم من الله من عاصم ، ويكون قد فصل بين المبتدأ والخبر بجملتين على سبيل الاعتراض ، ولا يجوز ذلك عند أبي علي الفارسي ، والصحيح جوازه. الثالث : أن يكون الخبر كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما. الرابع : أن يكون الخبر أولئك وما بعده ، فيكون في هذا القول فصل بين المبتدأ والخبر بأربع جمل معترضة ، وفي القول الثالث بثلاث جمل ، والصحيح منع الاعتراض بثلاث جمل وبأربع جمل ، وأجاز ابن عطية أن يكون الذين في موضع جر عطفا على قوله : للذين أحسنوا ، ويكون جزاء مبتدأ خبره قوله : والذين على إسقاط حرف الجر أي : وللذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها ، فيتعادل التقسيم ، كما تقول : في الدار زيد ، والقصر عمرو ، أي : وفي القصر عمرو. وهذا التركيب مسموع من لسان العرب ، فخرجه الأخفش على أنه من العطف على عاملين. وخرجه الجمهور على أنه مما حذف منه حرف الجر ، وجره بذلك الحرف المحذوف لا بالعطف على المجرور ، وهي مسألة خلاف وتفصيل يتكلم فيها في علم النحو.
والظاهر أنّ السيئات هنا هي سيئات الكفر ، ويدل عليه ذكر أوصافهم بعد. وقيل : السيئات المعاصي ، فيندرج فيها الكفر وغيره. ولهذا قال ابن عطية : وتعم السيئات هاهنا الكفر والمعاصي ، فمثل سيئة الكفر التخليد في النار ، ومثل سيئات المعاصي مصروف إلى مشيئة الله تعالى ، ومعنى بمثلها أي : لا يزاد عليها. قال الزمخشري : وفي هذا دليل على أنّ المراد بالزيادة الفضل ، لأنه دل بترك الزيادة على السيئة على عدله ، ودل بإثبات الزيادة على المثوبة على فضله انتهى. وقيل : معنى بمثلها أي : بما يليق بها من العقوبات ، فالعقوبات تترتب على قدر السيئات ، ولهذا كانت جهنم دركات ، وكان المنافقون في الدرك
__________________
(١) سورة يونس : ١٠ / ٢٦.