على المدح ، والتقدير : أمدح إخوانا. لما لم يمكن أن يكون نعتا للضمير قطع من إعرابه نصبا على المدح ، وقد ذكر أبو البقاء أنه حال من الضمير في الظرف في قوله : في جنات ، وأن يكون حالا من الفاعل في : ادخلوها ، أو من الضمير في : آمنين.
ومعنى إخوانا : ذوو تواصل وتوادد. وعلى سرر متقابلين : حالان. والقعود على السرير : دليل على الرفعة والكرامة التامة كما قال : يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة ، أو مثل الملوك على الأسرة. وعن ابن عباس : على سرر مكللة بالياقوت والزبرجد والدر. وقال قتادة : متقابلين متساوين في التواصل والتزاور. وعن مجاهد : لا ينظر بعضهم إلى قفا بعض ، تدور بهم الأسرة حيث ما داروا ، فيكونون في جميع أحوالهم متقابلين انتهى.
ولما كانت الدنيا محل تعب بما يقاسى فيها من طلب المعيشة ، ومعاناة التكاليف الضرورية لحياة الدنيا وحياة الآخرة ، ومعاشرة الأضداد ، وعروض الآفات والأسقام ، ومحل انتقال منها إلى دار أخرى مخوف أمرها عند المؤمن ، لا محل إقامة ، أخبر تعالى بانتفاء ذلك في الجنة بقوله : لا يمسهم فيها نصب. وإذا انتفى المس ، انتفت الديمومة. وأكد انتفاء الإخراج بدخول الباء في : بمخرجين. وقيل : للثواب أربع شرائط أن يكون منافع وإليه الإشارة بقوله : في جنات وعيون مقرونة بالتعظيم ، وإليه الإشارة بقوله : ادخلوها بسلام آمنين خالصة عن مظان الشوائب الروحانية : كالحقد ، والحسد ، والغل ، والجسمانية كالإعياء ، والنصب. وإليه الإشارة بقوله : ونزعنا إلى لا يمسهم فيها نصب دائمة ، وإليه الإشارة بقوله : وما هم منها بمخرجين. وعن علي بن الحسين : أن قوله ونزعنا الآية ، نزلت في أبي بكر وعمر ، والغل غل الجاهلية. وقيل : كانت بين بني تميم وعدي وهاشم أضغان ، فلما أسلموا تحابوا. ولما تقدّم ذكر ما في النار ، وذكر ما في الجنة ، أكد تعالى تنبيه الناس. وتقرير ذلك وتمكينه في النفس بقوله : نبىء عبادي أني أنا الغفور الرحيم. وناسب ذكر الغفران والرحمة اتصال ذلك بقوله : إن المتقين. وتقديما لهذين الوصفين العظيمين اللذين وصف بهما نفسه وجاء قوله : وأن عذابي ، في غاية اللطف إذ لم يقل على وجه المقابلة. وأني المعذب المؤلم ، كل ذلك ترجيح لجهة العفو والرحمة. وسدت أنّ مسد مفعولي نبىء إن قلنا إنها تعدت إلى ثلاثة ، ومسد واحد إن قلنا : تعدّت إلى اثنين. وعن ابن عباس : غفور لمن تاب ، وعذابه لمن لم يتب. وفي قوله : نبىء الآية ، ترجيح جهة الخير من جهة أمره تعالى رسوله بهذا التبليغ ، فكأنه إشهاد على نفسه بالتزام المغفرة