الإيجال. وقرىء : لا تأجل بإبدال الواو ألفا كما قالوا : تابة في توبة. وقرىء : لا تواجل من واجله بمعنى أوجله. إنا نبشرك استئناف في معنى التعليل للنهي عن الوجل ، أي : إنك بمثابة الآمن المبشر فلا توجل. والمبشر به هو إسحاق ، وذلك بعد أن ولد له إسماعيل وشب بشروه بأمرين : أحدهما : أنه ذكر. والثاني : وصفه بالعلم على سبيل المبالغة. فقيل : النبوة كقوله تعالى : (وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا) (١) وقيل : عليم بالدين.
وقرأ الأعرج : بشرتموني بغير همزة الاستفهام ، وعلى أنّ مسني الكبر في موضع الحال. وقرأ ابن محيصن : الكبر بضم الكاف وسكون الباء ، واستنكر إبراهيم عليهالسلام أن يولد له مع الكبر. وفبم تبشرون ، تأكيد استبعاد وتعجب ، وكأنه لم يعلم أنهم ملائكة رسل الله إليه ، فلذلك استفهم ، واستنكر أن يولد له. ولو علم أنهم رسل الله ما تعجب ولا استنكر ، ولا سيما وقد رأى من آيات الله عيانا كيف أحيا الموتى. قال الزمخشري : كأنه قال : فبأيّ أعجوبة تبشروني ، أو أراد أنكم تبشرونني بما هو غير متصور في العادة ، فبأي شيء تبشرون؟ يعني : لا تبشروني في الحقيقة بشيء ، لأنّ البشارة بمثل هذا بشارة بغير شيء. ويجوز أن لا تكون صلة لبشر ، ويكون سؤالا على الوجه والطريقة يعني : بأي طريقة تبشرونني بالولد ، والبشارة به لا طريقة لها في العادة انتهى. وكأنه قال : أعلى وصفي بالكبر ، أم على أني أرد إلى الشباب؟ وقيل : لما استطاب البشارة أعاد السؤال ، ويضعف هذا قولهم له : بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين. وقرأ الحسن : تبشروني بنون مشددة وياء المتكلم ، أدغم نون الرفع في نون الوقاية. وابن كثير : بشدها مكسورة دون ياء. ونافع يكسرها مخففة ، وغلّطه أبو حاتم وقال : هذا يكون في الشعر اضطرارا ، وخرجت على أنه حذف نون الوقاية وكسر نون الرفع للياء ، ثم حذفت الياء لدلالة الكسرة عليها. وقالوا هو مثل قوله :
يسوء القاليات إذا قليني
وقول الآخر :
لا أباك تخوفيني
وقرأ باقي السبعة : بفتح وهي علامة الرفع. قال الحسن : فبم تبشرون على وجه الاحتقار وقلة المبالاة بالمبشرات لمضي العمر واستيلاء الكبر. وقال مجاهد : عجب من
__________________
(١) سورة الصافات : ٣٧ / ١١٢.