حال ، والشركاء الشياطين أو الملائكة أو الأصنام أو من عبد من دون الله كائنا من كان أربعة أقوال. ومن قال : الأصنام ، قال : ينفخ فيها الروح فينطقها الله بذلك مكان الشفاعة التي علقوا بها أطماعهم. وروي عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «أن الكفار إذا رأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب قيل لهم : اتبعوا ما كنتم تعبدون ، فيقولون والله لإياكم كنا نعبد ، فتقول الآلهة : فكفى بالله شهيدا» الآية. قال ابن عطية : فظاهر هذه الآية أنّ محاورتهم إنما هي مع الأصنام دون الملائكة وعيسى ابن مريم ، بدليل القول لهم : مكانكم أنتم وشركاؤكم ، ودون فرعون ومن عبد من الجن بدليل قولهم : إن كنا عن عبادتكم لغافلين. وهؤلاء لم يغفلوا قط عن عبادة من عبدهم. ومكانكم عده النحويون في أسماء الأفعال ، وقدر بأثبتوا كما قال :
وقولي كلما جشأت وجاشت |
|
مكانك تحمدي أو تستريحي |
أي اثبتي. ولكونها بمعنى اثبتي جزم تحمدي ، وتحملت ضميرا فأكد وعطف عليه في قوله : أنتم وشركاؤكم. والحركة التي في مكانك ودونك ، أهي حركة إعراب ، أو حركة بناء تبتني على الخلاف الذي بين النحويين في أسماء الأفعال؟ ألها موضع من الإعراب أم لا؟ فمن قال : هي في موضع نصب جعل الحركة إعرابا ، ومن قال : لا موضع لها من الإعراب جعلها حركة بناء. وعلى الأول عول الزمخشري فقال : مكانكم الزموا مكانكم لا تبرحوا حتى تنظروا ما يفعل بكم. واختلفوا في أنتم ، فالظاهر ما ذكرناه من أنه تأكيد للضمير المستكن في مكانكم ، وشركاؤكم عطف على ذلك الضمير المستكن وهو قول الزمخشري قال : وأنتم أكّد به الضمير في مكانكم لسده مسد قوله : الزموا وشركاؤكم عطف عليه انتهى. يعني عطفا على الضمير المستكن ، وتقديره : الزموا ، وأنّ مكانكم قام مقامه ، فيحمل الضمير الذي في الزموا ليس بجيد ، إذ لو كان كذلك لكان مكانك الذي هو اسم فعل يتعدى كما يتعدى الزموا. ألا ترى أن اسم الفعل إذا كان الفعل لازما كان اسم الفعل لازما ، وإذا كان متعديا كان متعديا مثال ذلك : عليك زيدا لما ناب مناب ، الزم تعدى. وإليك لما ناب مناب تنح ، لم يتعد. ولكون مكانك لا يتعدى ، قدره النحويون اثبت ، واثبت لا يتعدى. قال الحوفي : مكانكم نصب بإضمار فعل أي : الزموا مكانكم أو اثبتوا. وقال أبو البقاء : مكانكم ظرف مبني لوقوعه موقع الأمر ، أي الزموا انتهى. وقد بينا أن تقدير الزموا ليس بجيد ، إذ لم تقل العرب مكانك زيدا فتعديه ، كما تعدى الزم. وقال ابن عطية :