وقال العذارى إنما أنت عمنا |
|
وكان الشباب كالخليط يزايله |
وقال آخر :
لعمري لموت لا عقوبة بعده |
|
لذي البث أشفى من هوى لا يزايله |
والظاهر أن التزييل أو المزايلة هو بمفارقة الأجسام وتباعده. وقيل : فرقنا بينهم في الحجة والمذهب قاله ابن عطية ، وفزيلنا. وقال : هنا ماضيان لفظا ، والمعنى : فنزيل بينهم ونقول : لأنهما معطوفان على مستقبل ، ونفي الشركاء عبادة المشركين هو رد لقولهم : لإياكم كنا نعبد ، والمعنى : إنكم كنتم تعبدون من أمركم أن تتخذوا لله تعالى أندادا فأطعتموهم ، ولما تنازعوا استشهد الشركاء بالله تعالى. وانتصب شهيدا ، قيل : على الحال ، والأصح على التمييز لقبوله من. وتقدم الكلام في كفى وفي الياء ، وأن هي الخفيفة من الثقيلة. وعند القراء هي النافية ، واللام بمعنى إلا ، وقد تقدم الكلام في ذلك. واكتفاؤهم بشهادة الله هو على انتفاء أنهم عبدوهم. ثم استأنفوا جملة خبرية أنهم كانوا غافلين عن عبادتهم أي : لا شعور لنا بذلك. وهذا يرجح أن الشركاء هي الأصنام كما قال ابن عطية ، لأنه لو كان الشركاء ممن يعقل من إنسي أو جني أو ملك لكان له شعور بعبادتهم ، ولا شيء أعظم سببا للغفلة من الجمادية ، إذ لا تحس ولا تشعر بشيء البتة.
(هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) : هنالك ظرف مكان أي : في ذلك الموقف والمقام المقتضي للحيرة والدهش. وقيل : هو إشارة إلى الوقت ، استعير ظرف المكان للزمان أي : في ذلك الوقت. وقرأ الإخوان وزيد بن علي : تتلوا بتاءين أي : تتبع وتطلب ما أسلفت من أعمالها ، قاله السدي.
ومنه قول الشاعر :
إن المريب يتبع المريبا |
|
كما رأيت الذيب يتلو الذيبا |
قيل : ويصح أن يكون من التلاوة وهي القراءة أي : تقرأ كتبها التي تدفع إليها. وقرأ باقي السبعة : تبلوا بالتاء والباء أي : تختبر ما أسلفت من العمل فتعرف كيف هو أقبيح أم حسن ، أنافع أم ضار ، أمقبول أم مردود؟ كما يتعرف الرجل الشيء باختباره. وروي عن عاصم : نبلوا بنون وباء أي : نختبر. وكل نفس بالنصب ، وما أسلفت بدل من كل نفس ، أو منصوب على إسقاط الخافض أي : ما أسلفت. أو يكون نبلوا من البلاء وهو العذاب أي : نصيب كل نفس عاصية بالبلاء بسبب ما أسلفت من العمل المسيء. وعن الحسن تبلوا