منقادين لأمره. وقرأ السلمي ، والأعرج ، والأخوان : أو لم تروا ، بتاء الخطاب إما على العموم للخلق استؤنف به الأخبار ، وإما على معنى : قل لهم إذا كان خطابا خاصا. وقرأ باقي السبعة بالياء على الغيبة. واحتمل أيضا أن يعود الضمير على الذين مكروا ، واحتمل أن يكون إخبارا عن المكلفين ، والأول أظهر لتقدم ذكرهم. وقرأ أبو عمرو ، وعيسى ، ويعقوب : تتفيئوا بالتاء على لتأنيث ، وباقي السبعة بالياء. وقرأ الجمهور : ظلاله جمع ظل. وقرأ عيسى : ظلله جمع ظلة ، كحلة وحلل. والرؤية هنا رؤية القلب التي يقع بها الاعتبار ، ولكنها بواسطة رؤية العين. قيل : والاستفهام هنا معناه التوبيخ. قيل : ويجوز أن يكون معناه التعجب والتقدير : تعجبوا من اتخاذهم مع الله شريكا وقد رأوا هذه المصنوعات التي أظهرت عجائب قدرته وغرائب صنعه ، مع علمهم بأنّ آلهتهم التي اتخذوها شركاء لا يقدر على شيء البتة. والجملة من قوله : تتفيئوا ، في موضع الصفة قاله الحوفي ، وهو ظاهر قول ابن عطية والزمخشري. قال ابن عطية : من شيء لفظ عام في كل ما اقتضته الصفة في قوله : تتفيؤ ظلاله ، لأنّ ذلك صفة لما عرض للعبرة في جميع الأشخاص التي لها ظل. وقال الزمخشري : وما موصولة بخلق الله وهو مبهم بيانه من شيء تتفيؤ ظلاله ، وقال غير هؤلاء : المعنى من شيء له ظل من جبل وشجر وبناء وجسم قائم ، وقوله : تتفيؤ ظلاله ، إخبار عن قوله من شيء وصف له ، وهذا الإخبار يدل على ذلك الوصف المحذوف الذي هو له ظل. وتتفيؤ تتفعل من الفيء ، وهو الرجوع يقال : فاء الظل يفيء فيأرجع ، وعاد بعد ما نسخه ضياء الشمس. وفاء إذا عدي فبالهمزة كقوله : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ) (١) أو بالتضعيف نحو : فيأ الله الظل فتفيأ ، وتفيأ من باب المطاوعة ، وهو لازم وقد استعمله أبو تمام متعديا قال :
طلبت ربيع ربيعة الممهى لها |
|
وتفيأت ظلالها ممدودا |
ويحتاج ذلك إلى نقله من كلام العرب متعديا. قال الأزهري : تفيؤ الظلال رجوعها بعد انتصاف النهار ، فالتفيؤ لا يكون إلا بالعشي وما انصرفت عنه الشمس ، والظل ما يكون بالغداة وهو ما لم تنله.
وقال الشاعر :
فلا الظل من برد الضحى تستطيعه |
|
ولا الفيء من برد العشيّ تذوق |
__________________
(١) سورة الحشر : ٥٩ / ٧.