لا يجوز حذفه إلا بعد أن وحدها في باب الاشتغال ، أو متلوّة بما النافية مدلولا عليه بما قبله ، نحو قوله :
فطلقها فلست لها بكفء |
|
وإلا يعل مفرقك الحسام |
أي : وإلا تطلقها ، حذف تطلقها الدلالة طلقها عليه ، وحذفه بعد أن متلوة بلا مختص بالضرورة نحو قوله :
قالت بنات العم يا سلمى وإن |
|
كان فقيرا معدما قالت وإن |
أي : وإن كان فقيرا معدما ، وأما غير إن من أدوات الشرط فلا يجوز حذفه إلا مدلولا عليه في باب الاشتغال مخصوصا بالضرورة نحو قوله : أينما الريح تميلها تمل. التقدير : أينما تميلها الريح تميلها تمل. ولما ذكر تعالى أنّ جميع النعم منه ذكر حالة افتقار العبد إليه وحده ، حيث لا يدعو ولا يتضرع لسواه ، وهي حالة الضر والضر ، يشمل كل ما يتضرر به من مرض أو فقر أو حبس أو نهب مال وغير ذلك. وقرأ الزهري : تجرون بحذف الهمزة ، وإلقاء حركتها على الجيم. وقرأ قتادة : كاشف ، وفاعل هنا بمعنى فعل ، وإذا الثانية للفجاءة. وفي ذلك دليل على أنّ إذا الشرطية ليس العامل فيها الجواب ، لأنه لا يعمل ما بعد إذا الفجائية فيما قبلها. ومنكم : خطاب للذين خوطبوا بقوله : وما بكم من نعمة ، إذ بكم خطاب عام. والفريق هنا هم المشركون المعتقدون حالة الرجاء أنّ آلهتهم تنفع وتضر وتشقى. وعن ابن عباس : المنافقون. وعن ابن السائب : الكفار. ومنكم في موضع الصفة ، ومن للتبعيض ، وأجاز الزمخشري أن تكون من للبيان لا للتبعيض قال : كأنه قال فإذا فريق كافر وهم أنتم. قال : ويجوز أن تكون فيهم من اعتبر كقوله : (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) (١) انتهى واللام في ليكفروا ، إن كانت للتعليل كان المعنى : أنّ إشراكهم بالله سببه كفرهم به ، أي جحودهم أو كفران نعمته ، وبما آتيناهم من النعم ، أو من كشف الضر ، أو من القرآن المنزل إليهم. وإن كانت للصيرورة فالمعنى : صار أمرهم ليكفروا وهم لم يقصدوا بأفعالهم تلك أن يكفروا ، بل آل أمر ذلك الجؤار والرغبة إلى الكفر بما أنعم عليهم ، أو إلى الكفر الذي هو جحوده والشرك به. وإن كانت للأمر فمعناه التهديد والوعيد. وقال الزمخشري : ليكفروا فتمتعوا ، يجوز أن يكون من الأمر الوارد في معنى الخذلان والتخلية ، واللام لام الأمر انتهى. ولم يخل كلامه من ألفاظ المعتزلة ، وهي قوله :
__________________
(١) سورة لقمان : ٣١ / ٣٢.