المنصوب ، فلا يجوز زيد ضربه زيد ، تريد ضرب نفسه إلا في باب ظن وأخواتها من الأفعال القلبية ، أو فقد ، وعدم ، فيجوز : زيد ظنه قائما وزيد فقده ، وزيد عدمه. والضمير المجرور بالحرف المنصوب المتصل ، فلا يجوز زيد غضب عليه تريد غضب على نفسه ، فعلى هذا الذي تقرر لا يجوز النصب إذ يكون التقدير : ويجعلون لهم ما يشتهون. قالوا : وضمير مرفوع ، ولهم مجرور باللام ، فهو نظير : زيد غضب عليه.
وإذا بشر ، المشهور أن البشارة أول خبر يسر ، وهنا قد يراد به مطلق الأخبار ، أو تغير البشرة ، وهو القدر المشترك بين الخبر السار أو المخبرين ، وفي هذا تقبيح لنسبتهم إلى الله المنزه عن الولد البنات واحدهم أكره الناس فيهنّ ، وأنفرهم طبعا عنهن. وظل تكون بمعنى صار ، وبمعنى أقام نهارا على الصفة التي تسند إلى اسمها تحتمل الوجهين. والأظهر أن يكون بمعنى صار ، لأنّ التبشير قد يكون في ليل ونهار ، وقد تلحظ الحالة الغالبة. وأنّ أكثر الولادات تكون بالليل ، وتتأخر أخبار المولود له إلى النهار وخصوصا بالأنثى ، فيكون ظلوله على ذلك طول النهار. واسوداد الوجه كناية عن العبوس والغم والتكره والنفرة التي لحقته بولادة الأنثى. قيل : إذا قوي الفرح انبسط روح القلب من داخله ووصل إلى الأطراف ، ولا سيما إلى الوجه لما بين القلب والدماغ من التعلق الشديد ، فترى الوجه مشرقا متلألئا. وإذا قوي الغم انحصر الروح إلى باطن القلب ولم يبق له أثر قوي في ظاهر الوجه ، فيربد الوجه ويصفر ويسود ، ويظهر فيه أثر الأرضية ، فمن لوازم الفرح استنارة الوجه وإشراقه ، ومن لوازم الغم والحزن اربداده واسوداده ، فلذلك كنى عن الفرح بالاستنارة ، وعن الغم بالاسوداد. وهو كظيم أي : ممتلىء القلب حزنا وغمّا. أخبر عما يظهر في وجهه وعن ما يجنه في قلبه. وكظيم يحتمل أن يكون للمبالغة ، ويحتمل أن يكون بمعنى مفعول لقوله : (وَهُوَ مَكْظُومٌ) (١) ويقال : سقاء. مكظوم ، أي مملوء مشدود الفم. وروى الأصمعي أنّ امرأة ولدت بنتا سمتها الذلفاء ، فهجرها زوجها فقالت :
ما لأبي الذلفاء لا يأتينا |
|
يظل في البيت الذي يلينا |
يحردان لا نلد البنينا |
|
وإنما نأخذ ما يعطينا |
يتوارى : يختفي من الناس ، ومن سوء للتعليل أي : الحال له على التواري هو سوء ما أخبر به ، وقد كان بعضهم في الجاهلية يتوارى حالة الطلق ، فإن أخبر بذكر ابتهج ، أو أنثى
__________________
(١) سورة القلم : ٦٨ / ٤٨.