هو أمركم ، وذلك على أشهر الاستعمالين. لأنه يقال : أجمع الشركاء ، ولا يقال جمع الشركاء أمرهم إلا قليلا ، ولا أجمعت الشركاء إلا قليلا. وفي اشتراط صحة جواز العطف فيما يكون مفعولا معه خلاف ، فإذا جعلناه من الفاعل كان أولى. وقرأ الزهري ، والأعمش ، والجحدري ، وأبو رجاء ، والأعرج ، والأصمعي عن نافع ، ويعقوب : بخلاف عنه فاجمعوا بوصل الألف وفتح الميم من جمع ، وشركاءكم عطف على أمركم لأنه يقال : جمعت شركائي ، أو على أنه مفعول معه ، أو على حذف مضاف أي : ذوي الأمر منكم ، فجرى على المضاف إليه ما جرى على المضاف ، لو ثبت قاله أبو علي. وفي كتاب اللوامح : أجمعت الأمر أي جعلته جميعا ، وجمعت الأموال جميعا ، فكان الإجماع في الأحداث والجمع في الأعيان ، وقد يستعمل كل واحد مكان الآخر. وفي التنزيل : (فَجَمَعَ كَيْدَهُ) (١) انتهى.
وقرأ أبو عبد الرحمن ، والحسن ، وابن أبي إسحاق ، وعيسى بن عمر ، وسلام ، ويعقوب فيما روي عنه : وشركاؤكم بالرفع ، ووجه بأنه عطف على الضمير في فأجمعوا ، وقد وقع الفصل بالمفعول فحسن ، وعلى أنه مبتدأ محذوف الخبر لدلالة ما قبله عليه أي : وشركاؤكم فليجمعوا أمرهم. وقرأت فرقة : وشركائكم بالخفض عطفا على الضمير في أمركم أي : وأمر شركائكم فحذف كقول الآخر :
أكل امرئ تحسبين امرأ |
|
ونار توقد بالليل نارا |
أي وكل نار ، فحذف كل لدلالة ما قبله عليه. والمراد بالشركاء الأنداد من دون الله ، أضافهم إليهم إذ هم يجعلونهم شركاء بزعمهم ، وأسند الإجماع إلى الشركاء على وجه التهكم كقوله تعالى : (قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ) (٢) أو يراد بالشركاء من كان على دينهم وطريقتهم. قال ابن الأنباري : المراد من الأمر هنا وجود كيدهم ومكرهم ، فالتقدير : لا تتركوا من أمركم شيئا إلا أحضرتموه انتهى. وأمره إياهم بإجماع أمرهم دليل على عدم مبالاته بهم ثقة بما وعده ربه من كلاءته وعصمته ، ثم لا يكن أمركم عليكم غمة أي حالكم معي وصحبتكم لي غما وهما أي : ثم أهلكوني لئلا يكون عيشكم بسببي غصة ، وحالكم عليكم غمة. والغم والغمة كالكرب والكربة ، قال أبو الهيثم : هو من قولهم غم علينا الهلال فهو مغموم إذا التمس فلم ير. وقال طرفة :
__________________
(١) سورة طه : ٢٠ / ٦٠.
(٢) سورة الأعراف : ٧ / ١٩٥.