قوله : (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) (١) وقيل : المشار إليه هو الراء ، فإنها كنوز القرآن ، وبها العلوم التي استأثر الله بها. وقيل : إشارة إلى ما تضمنته السورة من الآيات والكتاب السورة.
والحكيم : الحاكم ، أو ذو الحكمة لاشتماله عليها وتعلقه بها ، أو المحكم ، أو المحكوم به ، أو المحكم أقوال. والهمزة في أكان للاستفهام على سبيل الإنكار لوقوع العجب من الإيحاء إلى بشر منهم بالإنذار والتبشير ، أي : لا عجب في ذلك فهي عادة الله في الأمم السالفة ، أوحى إلى رسلهم الكتب بالتبشير والإنذار على أيدي من اصطفاه منهم. واسم كان أن أوحينا ، وعجبا الخبر ، وللناس فقيل : هو في موضع الحال من عجبا لأنه لو تأخر لكان صفة ، فلما تقدّم كان حالا. وقيل : يتعلق بقوله : عجبا وليس مصدرا ، بل هو بمعنى معجب. والمصدر إذا كان بمعنى المفعول جاز تقدم معموله عليه كاسم المفعول. وقيل : هو تبيين أي أعنى للناس. وقيل : يتعلق بكان وإن كانت ناقصة ، وهذا لا يتم إلا إذا قدرت دالة على الحدث فإنها إن تمحضت للدلالة على الزمان لم يصح تعلق بها. وقرأ عبد الله : عجب ، فقيل : عجب اسم كان ، وأن أوحينا هو الخبر ، فيكون نظير : يكون مزاجها عسل وماء ، وهذا محمول على الشذوذ ، وهذا تخريج الزمخشري وابن عطية. وقيل : كان تامة ، وعجب فاعل بها ، والمعنى : أحدث للناس عجب لأن أوحينا ، وهذا التوجيه حسن. ومعنى للناس عجبا : أنهم جعلوه لهم أعجوبة يتعجبون منها ، ونصبوه علما لهم يوجهون نحوه استهزاءهم وإنكارهم. وقرأ رؤبة : إلى رجل بسكون الجيم وهي لغة تميمية يسكنون فعلا نحو سبع وعضد في سبع وعضد. ولما كان الإنذار عاما كان متعلقه وهو الناس عامّا ، والبشارة خاصة ، فكان متعلقها خاصا وهو الذين آمنوا. وأن أنذر : أن تفسيرية أو مصدرية مخففة من الثقيلة ، وأصله أنه أنذر الناس على معنى أن الشأن قولنا أنذر الناس ، قالهما الزمخشري : ويجوز أن تكون أن المصدرية الثنائية الوضع ، لا المخففة من الثقيلة لأنّها توصل بالماضي والمضارع والأمر ، فوصلت هنا بالأمر ، وينسبك منها معه مصدر تقديره : بإنذار الناس. وهذا الوجه أولى من التفسيرية ، لأنّ الكوفيين لا يثبتون لأنّ أن تكون تفسيرية. ومن المصدرية المخففة من الثقيلة لتقدير حذف اسمها وإضمار خبرها ، وهو القول فيجتمع فيها حذف الاسم والخبر ، ولأنّ التأصيل خير من دعوى الحذف بالتخفيف. وبشر الذين آمنوا أن لهم أي : بأن لهم ، وحذفت الباء. وقدم صدق قال ابن عباس ، مجاهد ، والضحاك ،
__________________
(١) سورة التوبة : ٩ / ١٢٤.