[من قصص البادية]
ثم بعد يومين رحلنا ونزلنا بأرض يقال لها العاطرية ، والسبب لهذا الاسم ، على ما أخبرنا العرب ، أن بعيدا عنا نحو ساعة قلعة قديمة اسمها العاطرة ، وكان بيننا وبين الدجلة نحو ثلاث ساعات ، [وفيها] مرعى ومياه كثيرة. فأقمنا ثمانية أيام في ذلك المحل ثم رحلنا وتوجهنا نحو الشرق ، وبينما نحن في الطريق إذ حضر واحد من البدو راكبا على ذلول أملح يعني أسود. فسلّم على الدريعي وسلّم جميعهم عليه سلاما طويلا عريضا بشوق واستمالة عظيمة ، وخذوا يسألونه عن أحواله وعن الغرض الذي كان ذهب لأجله العام الماضي ، فحدثهم بذلك ، ونحن فيما بعد سألناه عن قصته فأخبرنا بها ، وهي حكاية غريبة كما سنوضحه لمسامعكم الكريمة.
حكي أن هذا الرجل (١) ، واسمه علوان ، كان يدور [في البرية] ذات يوم [سعيا وراء] الصيد. فبينما هو دائر مرّ بأرض وجد بها أثر حرب ، من قتلى (٢) وأدمية وأرماح مكسورة وسيوف مرمية ، الغاية إثر حادث جديد. فصار يدور بين القتلى فوجد شابا فيه رمق من ٢ / ٦٠ الحياة ، وهو يئن. فنزل حالا وأركبه على الذلول وأخذه إلى بيته (٣) / وابتدأ يعالجه ويداويه
__________________
(١) «الراجل».
(٢) ليس من عادة البدو إبقاء القتلى في البرية لتأكلها وحوش الفلاة.
(٣) ابتداء الكراسة نمرة ٨.