لاسكاريس في مخيم الدريعي
وفي أثناء هذه المدة كنا قربنا من القريتين ، وبقي بيننا وبينها ساعتان فقط. فقلت للدريعي : يا سيدي إن كنت تأمر حتى أركب أنا وبعض الخيالة ونذهب من طرفك إلى القريتين لاحضار معلمي الشيخ إبراهيم. فسرّ من ذلك وحالا أمر لي بعشرين خيالا ، فركبنا ودخلنا القريتين وصافحنا بعضنا وسلمنا على الأحباب ، وبقينا ذلك النهار بالقريتين : الخيالة في بيت الشيخ سليم ونحن في بيت الخوري موسى ، وبقينا كل الليل أيضا ، وما كنا نستطيع أن نذهب [للرقاد] لأننا لم نر بعضنا من زمن. وفي الليل حكيت للشيخ إبراهيم جميع ما جرى ، وقيدنا جميع أوراق اليوميات بالدفتر ، ورتبنا شغلنا ، وطلع الصبح من غير نوم كليا. وثاني يوم فطرنا وودعنا المحبين وأخذنا الشيخ إبراهيم وتوجهنا بالسلامة ، فوصلنا إلى عند الدريعي. ١ / ٤١ فحالا ركض / وصافحه وسلّم عليه سلاما كبيرا وترحّب به ، وحالا أمر بذبح جمل من العظام ، فذبحوا إكراما للشيخ إبراهيم وأكلنا منه تلك الليلة وكان أول مرة نأكل لحم جمل (١) ، وقد وجدناه طيبا وغير رديء يشبه طعمه لحم الغزال وله مزة (٢) [تمييزه] نوعا عن لحم الغنم. ولكنه مدهن ولحمه أحمر جميل ، لأن الجمال التي يذبحونها وحدها ليست من جمال التحميل ، ويخصصون لها دائما راعيا ، وهي ترعى من غير أن يوضع على ظهرها شيء ، مثل
__________________
(١) نسي الصائغ أنه أكل لحم جمل عند مهنا الفاضل ، (انظر اعلاه ص ٦٩).
(٢) طعم خاص.