[أول خطوة نحو الاتحاد]
فبعد أن أقمنا ثلاثة أيام ، رحلنا وتوجهنا نحو البادية شرقا. وكانت الجزيرة ملآنة من العربان ، منهم من الذين كانوا معنا بالشامية ، ومنهم غرباء أعني من عرب ديرة بغداد والبصرة والبادية (١) ، وهم أشكال وأشكال لا يمكن إحصاؤهم ، ونزلنا في أرض يقال لها عين الراج. فهناك حضر عندنا أمير يقال له فارس الجربا ، وقبيلته اسمها الجربا (٢) تضم نحو أربعة آلاف بيت يعدّون من عرب البصرة. وكانت غايته من هذه الزيارة التعرف بنا والصحبة مع الدريعي على يدنا ، لأنه كان سمع أن المذكور قد عادى (٣) الوهابي وهو عاص عليه. وصار له اسم عظيم بين القبائل ، وكل ذلك بسبب تدبيرنا وحسن مشورتنا ، لأنه كان شاع الخبر بين العرب أن ١ / ٥٠ عند الدريعي جماعة ماهرين يقومون بتدبيره على / أمور الدنيا ، وبواسطة تدبيرهم سوف يصير سلطان العرب وأكبر من ابن سعود الوهابي. فبلغ ذلك فارس الجربا ، وعمل حسابه أن المحبة والوفاق معنا أنسب ، وعلى الخصوص حين سمع أن الدريعي على خصام (٤) مع الوهابي ، لأن العرب على إطلاق لا تحب الوهابي لسببين كبيرين : الأول لأنه يأخذ منهم العشر ويستعبدهم بواسطة أمور الديانة ، [والثاني لأنه] يستجرهم إلى الحرب والموت مع القبائل العاصية ومع
__________________
(١) «الشول».
(٢) الجرباء ، بطن من شمّر ، فيهم الرئاسة (وصفي زكريا ، عشائر الشام ج ٢ ص ٢٨٤ وما بعدها).
(٣) «ضشمن».
(٤) «ضشمنة».