[العودة إلى بر الشام]
وفي اليوم التالي نبّه الدريعي إلى الرحيل بكل سرعة ، إذ كان دخل فصل الصيف (١) ولم يبق لنا عمل يعوقنا في ديار العجم ، لأن كبار قبائلهم التي تجب صحبتها قد اكتسبناها وحصلنا على مطلوبنا. فجدينا بالرحيل يوميا ، والمرحلة كانت من اثنتي عشرة ساعة إلى خمس عشرة ساعة ، ولم نزل على هذا الحال حتى دخلنا طبراق بغداد ، وقطعنا الدجلة وصرنا بالجزيرة. فنزل الشيخ إبراهيم إلى بغداد وجاء لنا بدراهم إذ لم يبق معنا مصرية واحدة (٢). فابتدأت تتوارد علينا أخبار الوهابي ، وبلغنا أن الأمير عبد الله الهدّال رجع عنده مكسورا ومنهوبا ، وأخبره بالذي جرى عليه من الدريعي عند حماة. فدخله الغيظ والحمق وقرّ رأيه على إرسال جيش عظيم بقيادة ابنه ورؤساء عساكر غير الأمير عبد الله ، لتدمير الدريعي ونهب سورية وربح أهلها ، فمنعه أكابر ديوانه من ذلك ، وأشار عليه واحد من مدبريه يقال له أبو محسن قائلا : إن كان يمكن أن تعمل طريقة لجذب الدريعي / إلى طرفك واكتساب محبته
__________________
(١) يريد الفصل الحار ، وهو يبتدئ ، في هذه الأقاليم ، منذ أواسط نيسان.
(٢) هل قام الصايغ بهذه الرحلة إلى إيران أم هي من نسج خياله كما يتبادر إلى الذهن عند قراءتها؟ إننا نطعن بصحتها ، إلا أن لاسكاريس نفسه ، في مقال له صدر بعد وفاته ، تحدث عن جولته في البادية وسفره إلى بغداد ثم إلى الممونا (كذا) على حدود الهند الشرقية (كذا). ويظهر أن العودة من إيران كان خلال ربيع ١٨١٣ ، أي قبيل سقوط نابوليون وبعد انكسار جيوشه في روسيا. ولكن أخبار هذه الحوادث السياسية الهامة ما كانت وصلت إلى السفارات النائية بسبب بطء المواصلات في ذلك التاريخ.