[غارة وهابية على تدمر]
فبعد جلوسي بقليل من الأيام ، إذ وصل خبر أن غزوا كبيرا من طرف الوهابي جاء إلى الديرة الشامية ، وهو يعمل على تخريب الضيع والقرى ونهبها. فخاف أهالي القريتين جدا ونبّه الشيخ سليم إلّا يتطرف أحد خارج الضيعة ، وكل ليلة كانوا يحرسون (١) ، وكان هذا الخبر صحيحا ، لأن ثاني يوم أتى خبر أن الغزو الوهابي ضرب تدمر ولم يستطع أن يدخلها لأن من المعلوم أن لها بابا يغلقونه فتصبح في مناعة عظيمة ، فالتدامرة مقيمون في مكان مثل القلعة ، وهو هيكل الشمس القديم. فلم يتمكن الوهابيون من دخول البلد ، ولكنهم وجدوا بعض الأنفار خارجها فقتلوهم وأخذوا جانبا من جمالهم وذهبوا إلى أرك ، وهي ضيعة تبعد عن تدمر نحو خمس ساعات ، فكبسوها عند وجه الصبح وقتلوا جميع الرجال من كل جنس ذكر ، ولم يبقوا إلا على النساء فقط ، وأحرقوا البيوت وأخذوا طروشهم ، وقد فعلوا كل ذلك نكاية بالدريعي. فخاف أهالي القريتين جدا ، ولم يبق أحد له الجراءة (٢) ليخرج منها أو يدخلها ليلا أو نهارا وهم يحرسون دائر الضيعة تحت الخوف والرعب.
فأقمت عشرين يوما بالقريتين ولم يحضر الساعي. فكنت في وجل عظيم خوفا من أن يكون التقى بالغزو الوهابي حين رجوعه ، فقتلوا الساعي وأخذوا منه الدراهم. فكنت في
__________________
(١) «ينظروا بالليل».
(٢) «الجراعا».