خوف وتفكير شديد جدا إذ وصل الساعي بالسلامة وأحضر معه المطلوب. فسألناه عن سبب تأخره فقال : كنت في صدد منذ خمسة أيام جالسا بها خوفا من الغزو إذ بلغني خبر ذلك. وقد منعني الشيخ عساف ، شيخ صدد ، عن الذهاب حتى عرف أن الطريق نظيف فأرسلني. وهو يسلم عليك. فسألته عن أهالي صدد إذا كانوا خائفين من الوهابي قال : لا لأن لهم أخا (١) من الوهابي ـ وهم يقدمون له كل سنة شيئا معلوما ـ يحميهم من ٢ / ٧٦ كل ضرر يحدث من الوهابي. / واستخبرت عن عربنا فأخبروني أنهم وصلوا إلى غوطة (٢) الشام ، ولكن الوصول إليهم صعب لأن أهالي القريتين لا يستطيعون السفر خوفا من أن يلتقي بهم الغزو الوهابي. فاضطررت أن أسافر ليلا مع اثنين من أهالي القريتين ، من النصارى ، إلى صدد فوصلت وسلمت على الشيخ عساف وكامل المحبين. فسألني الشيخ عساف وأهالي صدد عن تجارتنا (٣) مع العرب ، فقلت : لله الحمد نحن مسرورون جدا ورابحون ، وغرشنا كسب خمسة مع العرب ولو كنا نعرف أن التجارة مع العرب فيها كل هذا الربح لكنا تعاطيناها من زمان. فدخل ذلك في عقلهم لأنهم قد عرفونا على هذه الصنعة وهذا كان كلامنا معهم منذ الابتداء. فجلست عندهم يوما وفي اليوم التالي تزيّيت بزي (٤) أهالي صدد ، أي لبست مثلهم ، وأخذت معي اثنين من أهالي صدد لأنهم مضمونون (٥) لدى الوهابي ، وسافرت من عندهم قاصدا غوطة الشام. فبعد ثلاثة أيام وصلت عند عربنا ، فوجدتهم نازلين بالغوطة ، ونازلا إلى جانبهم بركز (٦) ابن اهديب بكل قبيلته ، وأصبحت المحبة بينهم عظيمة. وقد وضع بركز اسمه وختمه في ورقة الشروط. وأما الأمير مهنا الفاضل فهو نازل نواحي الزرقا والبلقا ، ومعه جملة قبائل من عرب جبال شمر ، ويريد قتال الدريعي وأخذ ثأره السابق. وبلغنا أيضا أنه عمل رباطا مع حكام حمص وحماة ضد الدريعي ومن يلوذ به ، واشتد أزره بقوة عظيمة من عرب وعثمانيين. فرأينا من المستحسن فسخ هذا الرباط وذلك بأمر والي البلاد ، وهو وزير الشام سليمان باشا ، إذ يوجد بيننا وبينه
__________________
(١) الأخ ، في العرف البدوي ، شيخ عشيرة أو قبيلة ، كبير السلطة يأخذ الخوة من عشيرة أو قرية ضعيفة ويحميها ، ويكون أحيانا من بعض أفراد البدو.
(٢) «غوضة».
(٣) «متجرنا».
(٤) «بكسم».
(٥) «مسوكرين».
(٦) برجس.