[الدريعي يردّ غزوا وهابيا]
وبعد ذلك تواردت أخبار جيوش الوهابي تفيد أنها وصلت إلى الديرة وأنها الآن تحاصر تدمر ، فرحلنا حالا بكل جد وسرعة لملاقاة العدو في نواحي تدمر. فالتقينا بالوهابيين في محل يقال له الدّوة ، ما بين القريتين وتدمر. وهناك علقت نيران الحرب بكل حرارة وشدة. وكان الوهابيون نحو عشرة آلاف ، منهم خيالة ومنهم مراديف أي كل اثنين منهم على جمل ، ومنهم مضاعف أي كل أربعة منهم على جمل بأربع بواريد فتيل ، الأربعة ظهورهم إلى بعضهم فوق الجمل ، الواحد من الأمام والثاني من الوراء والثالث على جانب والرابع على الجانب الآخر ، ١ / ٨٣ وقد عملوا لهم مقاعد من عشب / مثل الكراسي مربوطة بحبال وعندهم أكل مشترك بينهم وهو جراب طحين وجراب تمر وعكّة سمن. فاليوم الذي يصيبون فيه نهبا ينهبونه ، وشيئا للأكل فإنهم يأكلون على حسب العادة ، واليوم الذي لا يصيبون فيه شيئا ، يأكل كل واحد منهم قبضة طحين ، يجبلها بالسمن ، ويعمل منهم ثلاث كريّات (١) ، كل واحدة بحجم الجوزة ، فيأكلها ثم يأكل بعض التمرات ويشرب قليلا من الماء أو الحليب ، إذ معهم جود لأجل الماء مربوطة تحت بطن الذلول ، النتيجة كأنهم في قلعة لا يحتاجون إلى شيء قط.
فوقع الحرب واشتد القتال وطار الغبار وعجت الأعفار وكان نهار من الاعمار إلى أن دخل الليل وأعتم. فارتد كل رفيق إلى محله. وكان الراجح يومها نحن ، حيث أولا كنا أكثر
__________________
(١) «دعابيل».