[حديث مع ابن سعود]
وثاني يوم ذهبنا عند ابن سعود فدخلنا وسلمنا عليه فرحب بنا وعمل لنا غاية الإكرام. فابتدأ الحديث بخصوص الممالك الفرنجية وأحوال بونابارته ، لأنه كان سامعا بأخباره فاستقصى مني على سيرته ، فأخبرته على قدر معرفتي ، فسرّ جدا وكان يتعجب من أفعاله وانتصاراته على غير ملوك ، وقال : هذا ، لا شك فيه ، قائم بأمر الله تعالى ، وربما كان بداخل باطنه مع الله ولا يشرك به أحدا حتى أعطاه مثل هذه القوة والانتصارات. فضحكت في قلبي وقلت في عقلي : يا مسكين إن قوى بونابارته بعيدة عن ظنك فيه.
ثم غيّر الحديث وقال : يا عبد الله ، أريد منك أن تعرفني ما هو قواعد دين النصرانية. ١ / ١١١ فهذا السؤال عصّ قلبي منه جدا فقلت : يا ابن سعود ، قاعدة جميع الملل والمذاهب / هو الله تعالى وحده ولا شريك له ، وهو الديان فقط ، فاعتقاد النصارى بالله تعالى سبحانه وجل شأنه ، إنه هو الخالق ، والرازق ، والمحيي ، والمميت ، والرافع ، والخافض ، والمقاصص (١) ، والمسامح والعاطي والقابض ، إله مكنون وأمره بين الكاف والنون. قال : قوي مناسب ، ولأي شيء خلقنا؟ قلت : حتى نعرفه ونعبده ، ونكرمه ونحبه ونرث جنته. فانشرح من ذلك جدا وقال : وكيف يا عبد الله تصلون؟ وما ذا تقولون في صلاتكم. قلت : يا سيدي ، صلاة ربانية وهي أبانا الذي في السموات الخ. فسرّ وحالا أمر أحد الكتاب وكتبها في ورقة ، وأخذها
__________________
(١) «المقاقص».