[الحرب بين الرّولة والحسنة]
٢ / ٣٦ ثم ثاني يوم قطعنا الفرات على ظهور الجمال / ودخلنا الشامية وتوجهنا غربا ونزلنا بأرض يقال لها الطافح ، من حكم حلب. وثاني يوم ورد علينا مكتوب من مهنا الفاضل وكان بهذه اللفظات :
بسم الله الرحمن الرحيم ، من مهنا الفاضل إلى الدريعي ابن شعلان ، بعد السلام ورحمة الله ، سمعنا أنك قطعت الفرات ونزلت الطافح ، ومرادك أن تتقدم إلى ديرتنا وديرة آبائنا وأجدادنا ، فاستغربنا منك هذا الفعل وظننت أن كل لحوم الطيور تؤكل (١) ، واعلم أن عندنا جيوشا لا تعد ولا تحصى ، ووراءنا حكاما عثمانين ، ووزراء أقوياء لا يتعاندون ، فالأنسب أنك ترحل أنت وعربانك وتكسب حالك ورجالك ، وإن طمعت وعاندت لا تسأل عما يجري عليك من البلاء والندم ، ونردك بحول الله مكسورا على أثر القدم.
الامضاء : تحيات مهنا الفاضل ابن الملحم
فحين فرغت من قراءة المكتوب نظرت إلى وجه الدريعي ، فرأيته عبس صورته واصفر لونه وصار النور في عيونه ظلاما ، ودخل في الغيظ والحمق. ثم قال : يا خطيب خذ قرطاسا واكتب جوابا لهذا الكلب بأصعب خطاب ، وقل له لا بدّ من هدم بيته وتنكيس رايته وتطهير
__________________
(١) كذا والمعروف : أن كل الطيور لا تؤكل لحومها.