[الابتداء بالرحيل]
وكان خروجنا من حلب في ١٨ شباط سنة ١٨١٠ ، نهار الخميس صباحا. وكان مسيرنا اثنتي عشرة ساعة إلى قصبة (١) يقال لها سرمين ، فدخلنا إلى القصبة المذكورة وقضينا الليل فيها. وثاني يوم سافرنا باكرا إلى بلد يقال لها معرّة النّعمان ، في الطريق ما بين حلب وحماة. وهذه البلدة تبعث على الإنشراح ، جيدة الماء ، طيبة الهواء. فقال لي الخواجه لاسكاريس : أجد لنا مكانا ننزل به ، لإن القافلة ستبقى يومين في المعرة. فرحت إلى خان ٢ / ٤ وأخذت غرفة (٢) ليومين. ففي هذه البلد يقوم سوق (٣) كل يوم أحد / ويأتي أناس من كل القرى والضيع للبيع والشراء ويكون ذلك النهار فرجة [للحاضرين]. فقمنا يوم الأحد الذي هو ثاني يوم وصولنا ، وذهبنا إلى السوق لنتفرج. وبينما نحن دائرون التفت فما وجدت الخواجه لاسكاريس ، فصرت أدور عليه بين الناس ، وبعد حصة وجدته جالسا عند حائط وإلى جانبه بدوي قذر ، زري المنظر ، وهو يتحدث معه. فقلت له : ما ذا تتكلم مع هذا البدوي الوسخ ، وأنت تكاد أن تعرف لسانه ، وكيف تفهم منه ، وما ذا يلذك من حديث رجل مثله. فقال : إن هذا النهار سعيد عندي إذ صار لي أن أتكلم مع واحد من البدو. فقلت في بالي صدق من قال عنك أنك سخيف العقل.
__________________
(١) القصبة : البلدة الكبيرة.
(٢) «أوضه».
(٣) «بازار».