[من دمشق إلى حوران]
كان دخولنا إلى دمشق الشام في ٢٣ كانون الأول سنة ١٨١٠ نهار السبت. فنزلنا في بيت الخواجه شاباصون الطبيب (١) الفرنساوي. وبعد بضعة أيام ، تبين لنا أن إقامتنا في دمشق ستطول. فانتقلنا إلى دير اليسوعية ، وكان خاليا لا يسكنه أحد. وأخذنا خادما ليطبخ لنا من أهالي الشام ، وصرنا ننتظر خلوص فصل الشتاء حتى نسافر عند العرب مرة ثانية. وأما بخصوص مدينة دمشق فعظيمة ، منتزهاتها ومياهها كثيرة وبساتينها عظيمة ليس فيها من الأفرنج سوى الطبيب ، ودير اسبنيولية ، ودير كبوشيين. ودير اليسوعية خراب ما به أحد ، إسلامها أردياء ونصاراها (٢) أنجس ، وأحوالها معلومة فلا حاجة للشرح عنها.
وفي بعض الأيام إذ كنا ندور بالسوق ، إذ بواحد بدوي يأتي صوبنا ويسلم علينا بكل معرفة ومحبة ، فتعجبنا وقلنا له : من (٣) أنت يا وجه الخير. فقال سبحان الله كيف تنسوا أصحابكم بسرعة : أنا هلال الذي تخاويت معكم ، وأكلت خبزكم وملحكم بالمعرة ، ولي زمن وأنا أفتش عنكم ، فأين كنتم خلال كل هذه الغيبة؟ فلزم أن نأخذه سرا وذهبنا إلى الدير ، لأن الشيخ إبراهيم أمرني بذلك ، حيث قال : هذا نحتاج إليه حتى أستخبر منه عن بعض
__________________
(١) «الحكيم».
(٢) «نصارتها».
(٣) «مين».