نمره ٣
[مع قبيلة الحسنة]
بعد هذا الترحيب استكثرنا بخير الأمير ناصر وشكرناه على هذا الكلام وقلنا له : بما أننا تعرفنا بجنابك ومرادنا أن تكون لنا سندا فيجب أن نأكل الخبز معك. وحالا دعوناه إلى منزلنا وذبحنا له رأس غنم وصنعنا غداء مناسبا ، وأخرجنا له مما معنا من حلو ، مثل الزبيب والتين اليابس والجوز ، فسره ذلك كثيرا ، لأنه كان آتيا من البادية (١) ويشتهي أكل الحلو.
وكان معه جميع خيالته والشيخ رجب وعدد كبير من أهل تدمر وصار الناس في انشراح كبير. وفي مجرى الحديث ، بعد الغداء ، تكلمنا عما وقع لنا أثناء حضورنا من القريتين ، وكيف قام بتشليحنا بعض العرب من الحسنة وأخذوا منا بعض الحوائج والدراهم. فاغتاظ جدا من ذلك وحلف أنه سيقاصصهم ويسترجع منهم الحوائج والدراهم ، فترجيناه عندئذ كل الرجاء أن يصفح عن هذا الأمر ولا يكلم المعتدين بهذه السيرة ، لأننا نحن سمحنا لهم. فقال : على حسب رغبتكم ، إذا كنتم سمحتم لهم فإني لا أكلمهم بهذا الأمر إكراما لكم.
وثاني يوم نوى أن يذهب عند أهله ، وكان مراده ومرادنا أن نتوجه معه ، إلا أن عربه وأباه كانوا بعيدين عن تدمر نحو ثمانية أيام فقال : من الأنسب أن تنتظروا حتى نقترب أكثر ، فأرسل إليكم أناسا وجمالا لإحضاركم عندنا. فترجيناه عندئذ أن يسأل أباه أن يرسل إلينا
__________________
(١) «الجول».