[المعركة الكبرى]
ثم أخذت التدابير في كل الأمور ، والخصم أيضا دبّر حاله وحفر متاريس ونوّخ (١) جماعته وعمل عطفة وقسم حاله إلى قسمين : الفرقة الكبرى أمامنا لأجل محاربتنا والفرقة الصغرى أمام جيش الباشا ، وابتدأ الحرب بكل حرارة من الجميع. ومن عادات العرب أنهم يبتدئون الحرب كمثل اللعب ، بفتور عظيم ، وبعد ذلك تشتد همتهم وقوتهم ويصبحون مثل السباع. وأما العثماني فهو بضد ذلك : أول نزوله بحرارة ثم يفتر. فسرّ الباشا من هذه الرؤية وظن أنه يكسر عرب الوهابيين بعسكره فقط. وبعد ذلك اشتدت حرارة العرب ، ٢ / ٩٠ وصار نهار يقف عن وصفه اللسان / منا ومنهم إلى غروب الشمس ، فانفك الحرب بعد أن وقعت مقتلة وافرة من الفريقين. ثم في اليوم الثاني أتت نجدة من قبيلة يقال لها الحديديّة وشيخها حمود آل إبراهيم (٢). فهؤلاء العربان من سكان طبراق حلب ، لا يشرّقون مثل العرب ، بل هم دائما مقيمون في نواحي ديرة حلب وسرمين والمعرة ، وعليهم شيء مثل الراتب للوزير. وكلهم بواردية ، يركبون الحمير فقط ، ولكن بعض كبرائهم فقط يركبون الخيل. فكانوا نحو أربعة آلاف بارودي (٣).
__________________
(١) أي نخّى ، اثار النخوة في رؤوس الرجال وحثهم على الحرب.
(٢) «البراهيم».
(٣) «بواردي».