[عبد الله الخطيب في الأسر]
فحين قرأنا هذا المكتوب أخذنا العجب من هذا الكلام لأنه ليس كلام عرب ، كما عهدنا بكلام العربان. فكان رأي المعلم إبراهيم أنه من المستحسن أن أذهب أنا عندهم وأتكلم معهم لسانا ، وأجلبهم بقوة الكلام اللين وما يقرب من العقل ، كما سبق أن فعلنا مع غير قبائل فاعتمدنا على ذلك الرأي وثاني يوم توجهت عندهم ومعي جملة هدايا. وكان برفقتي واحد بدوي بصفة خادم لا غير. فحين وصلت إلى بيت مفضيّ ابن عيده أمير السّبعة ، إذ كان بيته أمام الجميع وهو أكبر الموجودين ، وقبل أن أسلم عليهم ركضوا علي مثل الأسد الخاطف ، ونهبوا جميع ما كان معي وأمسكوا بي وبالخادم وأخذوا جميع ما علينا وضربوا بأرجلنا قيود الحديد وألقونا بالشمس على الرمل الحامي. فابتدأت أتكلم معهم واستغيث (١) بهم ، فكان جوابهم اسكت وإلا قتلناك وعملنا قتلك شهرة. فابتدأت أبكي وأترجى أن يطلقوا سبيلي وأعود عند عربي ، فما كان أحد يصغي إلى قولي. وبينما أنا بهذا الحال الشنيع إذ أقبل علي عبسي القبيسي ، عدونا الكبير الذي ذكرناه سابقا حين كنا في بر الشام ، وهو الذي نزل واشتكى إلى سليمان باشا والي الشام ، وكان خلال كل هذه المدة يدور من قبيلة إلى قبيلة باحثا عما يضرنا. فحين رأيته تأكدت أنه هو الذي أفهم العربان ووشى بنا ، وإن الكتاب الذي ذكرناه سابقا من المشايخ إلى الدريعي هو أيضا عمله وتدبيره.
__________________
(١) «واستنغيظ».