[الصايغ عند الدريعي]
وثاني يوم قمنا مشينا وأخذنا معنا واحدا من عرب بني سعيد ليدلنا على الدرب. فبعد مسير ثلاثة أيام ، عند المساء ، كشفنا على نزل الدريعي ، وكان نزلا عظيما نحو ألفي بيت شعر ، الطنب بالطنب (الطنب هو الحبل الذي يشدّ به البيت) ، ورأينا من بعيد من المواشي (١) والجمال ما يغطي عين الشمس ، ولم نر مثل ذلك عند غيره من العربان.
فتقدمت إلى بيت الدريعي ، وكان الوقت بعد غياب الشمس ، فدخلت وسلمت عليه ، فرحّب بنا وحالا أمر بالعشاء. وبعد العشاء سألني من أين وإلى أين يا شاب؟ قلت : يا سيدي من حلب إلى عند جنابك بغرض. فقال : حلت البركة بمجيئك (٢) ، غرضك مقضي بعون الله ، ولكن عادة الضيف عندنا يقعد ثلاثة أيام وبعد ذلك يتكلم على غرضه ، قلت : السمع والطاعة. ثم نمنا وثاني يوم كتبت حالا إلى الشيخ إبراهيم وإلى موسى ٢ / ٣٥ الوردي ، وأعطيت المكاتيب إلى مصطفى وزودته بالدعاء وتوجه إلى القريتين. /
وجلسنا مع الدريعي نتحدث ، وهو رجل ذو نخوة زائدة ، عمره نحو خمسين سنة ، لحيته كوساة بيضاء ، جسيم ، أسمر اللون ، جريء (٣). وجميع ما سمعنا عنه موجود به
__________________
(١) «طرش».
(٢) «يا حلة ألف براكة».
(٣) «جريع».