حقيقة. وله ولدان ذكران ، الواحد اسمه سحن (١) وهو الأكبر ، والثاني سعدون. وهما متزوجان ومقيمان عنده بالبيت. وبيته كبير وهو أكبر مرتين من بيت مهنا. وعربه أغنى نوعا ما من غير عشائر ، وعندهم الخيل العظام المشهورة ويقال لقبيلته الرولا (٢) ، وهي تحوي على خمسة ألاف بيت. هذه هي عشيرته ، إلا أنه كثيرا من العشائر تنقاد له ، بعضها فرضا (٣) ، وبعضها خوفا وبعضها محبة. فبان لي أنه رجل على قدر حاله في كل أمر ، وأن جميع ما قيل عنه صحيح. ومن حسن التوفيق أنه لم يكن عنده كاتب ، فصار كلما احتاج إلى ورقة أو مكتوب يسخرني به ، إلى أن مضت الأيام الثلاثة ، وهي مدة إكرام الضيف ، فما قال لي شيئا لأن عندهم من العيب أن يسألوا أحدا ما هو غرضك ، لأن معنى ذلك أنهم يرغبون في أن يذهب من عندهم. ولكن العادة أن المسافر يبادر بالحديث (٤). فبعد ثلاثة أيام قلت : يا أمير ، انتهت مدة إكرام الضيف وحل وقت الذهاب. قال : يصعب علي فراقك ، فقلت وأنا كذلك ، واعلم أن سبب مجيئي عندك هو التوجه إلى بغداد بمسألة ضرورية ، ولكن محبتك أنستني أشغالي وأود أن أكون في عشرتك دائما. فسرّ من هذا الكلام وقال : أنت مثل ولدي ، والذي تشور علي به فإني سأعمل به ، لأنه كان رأي مني في مدة هذه الأيام الثلاثة محبة وخدمة وآراء جيدة ، لأني عملت كل جهدي خلال هذه الأيام كي أرضيه وأدخل في عقله وقد حصل مطلوبي. وكنت علمت أنه ينوي أن يركب هو بنفسه على قبيلة مهنا الفاضل ، ويبيدها ويغنم أرزاقها وحده ، أعني فقط الخيل والركب ، ويبقي النساء ١ / ٣٦ والبيوت عند فحل الخليل أمير بني سعيد بالزور. وكان مرادي أن يقطع الفرات / ويدخل الشامية حتى أقربه رويدا رويدا من القريتين وأتمكن من احضار الشيخ إبراهيم عنده. فابتدأت أقول له : يا سيدي بما أنك جئت إلى هذه الديرة وعمرك ما زرتها (٥) ، فدعنا نقطع للشامية ونقضي الغيض (أعني الصيف) في هذه الديرة ، ومتى حل الخريف نشرّق على حسب عوايد عشائر عنزة (٦). وبهذه الطريقة تكون أولا قهرت عدوك وضايقته في الأرض ،
__________________
(١) ولعل الصواب صحن ، على حسب عادة الصايغ أن يبدل الصاد بالسين.
(٢) الرّولة.
(٣) «البعض ملزومين التزام».
(٤) «يفتح سيرة».
(٥) يقول الصايغ : «وعمرك ما خطرتها» ، أي لم تصل إليها ، وهو يريد المكان الذي كان الدريعي نازلا به عندئذ.
(٦) «عنازة».