الأمور الضرورية لنا. وحين صار بالدير أطعمناه وسقيناه ، فانبسط وطابت نفسه. فسألناه أين أهلك؟ فقال : في حوران ، لأنني من عرب قبيلة يقال لها ولد علي. أميرنا يسمى دوخي ابن سمير (وهو الذي تقدم ذكره ، من أقرباء بيت ملحم). وفهمنا منه أن في ديرة حوران ١ / ٢٧ وبلاد الجليل أربع قبائل من العرب. / اسماؤها : ولد علي ، السّرحان ، بني صخر ، السّرديّة. فهذه القبائل الأربع لا تشرق بالشتاء ، مثل عرب غير قبائل ، لنحو المشرق ، بل وصولها إلى نحو الزرقا والبلقا. ومنها من يصل إلى الأمونية ، بلاد اسماعيل ، قرب البحر الميت ، وترتد إلى حوران ، قبل تغريب العربان على بلاد سورية ، مع أول الربيع. [وقال] : إذا كنتم تشتهون أن آخذكم بأول الربيع عندهم ، كي تبيعوا شيئا من رزقكم فيحصل لكم ربح. وأنا المسؤول عن كل شيء رديء يحصل لكم. فاعتمدنا على ذلك ، وتواعدنا أن نطلع معه في آذار لنبيع شيئا من رزقنا لهذه القبائل. وقال لي الشيخ إبراهيم : إن مرادي أن أرى هذه القبائل ، ولو حصل خسارة (١) وتعب. واعلم يا ولد أن مقصودي أن أدور على كامل قبائل العرب ، ولا تسألني لأي سبب ، فقلت : قوي مناسب ، الله يعطينا يد المعونة.
ثم استخبرنا من هلال عن أحوال العربان ، وأمور بيت ملحم ، ماذا يقول العرب عنهم. فأخبرنا بكل ما طلبنا منه. لأنه كان شيطانا خبيرا بالأمور ، عارفا جيدا [بأحوال العرب](٢). فأخبرنا أن كل العربان ضد بيت ملحم ، وأن كبرتهم لن تطول من أفعال ناصر المهنا. فسأله الشيخ إبراهيم عن الدريعي فأخبره عن كل ما سأله ، وعن أحوال المذكور وأطباعه ومشيته وعقله. فسرّ الشيخ إبراهيم وقال لي : يا ولدي أريد منك الوصول إليه ، واعمل كل ما تقدر عليه واستعمل كافة الوسائط لكي نصل إليه. فقلت له : يا سيدي أنت أخرجتني من حلب لأجل البيع والشراء ، والآن أراك (٣) تطلب مني أمورا صعبة التي لا تؤول إلى البيع والشراء. إن الوصول إلى الدريعي صعب على ما فهمت. فإن كان لأجل بيع بضاعتنا ، فإننا نبيعها لغير عربان ، ولا يلزم كل هذا التعب. فقال : ألم أشرط عليك أن تكون معي بطاعة عمياء ، من غير بحث ولا سؤال عما أريد. فانقهرت جدا من نفسي وقلت : ما هذه الوقعة مع هذا الرجل؟ الله يخلصنا منه على خير. ولكن قلت في بالي : «اصبر يا ولد
__________________
(١) في الأصل : خصارة.
(٢) زيادة من المحقق ليستقيم المعنى.
(٣) «وهلق أشوفك».