الأرض منه ومن ابنه الكلب ناصر ، صبي الروم (أي العثمانيين في اصطلاح كلام عنزة). فأخذت ورقة وكتبت جوابا وكان بهذه اللفظات :
بسم الله الرحمن الرحيم وهو على كل شيء قدير. من الدريعي ابن شعلان إلى مهنا ١ / ٣٧ الفاضل. والتالي (١) : / وصل مكتوبك وفهمنا تهديدك الفارغ الذي ليس هو عندنا بثقل حبة الخردل. واعلم يا مهنا أنه لا بدّ من هدم بيتك وتنكيس رايتك وتطهير الأرض منك ومن ابنك ناصر. أما قولك أن هذه ديرة أبيك وجدك فالقاضي يشرع بيننا ويظهر لمن هي ، وهو السيف. ويكون معلوم عندك أن بعد تاريخه نحرّك ركابنا لقتالكم فكونوا على حذر ، ترى مردود عليك النقا. تحيات الدريعي بن شعلان. مكان الختم.
فأعطينا المكتوب إلى الطارش (٢) وسافر وابتدأ الدريعي بالمهمات وجمع عربانه. فقلت له : يا أمير ، أريد أن أشور عليك ، فإن أعجبك قولي افعل به وإلا فليس هناك من خسارة. قال : كيف يعني؟ قلت : أنت رجل غريب لست من هذه الديرة ، ومهنا معروف وكل الحكام معه ، والبلاد معه ، والعربان قد اعتادوا عليه ويحفظون وده إكراما لاسمهم السابق ، وقد أكلوا من خيرهم شيئا كثيرا. ولعلهم الآن ، لسبب جرى من ناصر عليهم ، رموا في حقه كلاما ، ولكن بعد حين ، حين يرون أن بيت مهنا سيخرب ، وأنه سينكسر ، فإن العشائر تعود إليه ولا بدّ أن تكون معه ، وكذلك الأمر بعساكر البلاد ، فيكون هو والعثماني والعرب ٢ / ٣٧ وتكون أنت وحدك ، فيحصل لك ضرر وتذهب رجالك وتكسب صيت الكسرة (٣). / فقال : هذا صحيح ولكن كيف الرأي يا خطيب. قلت : أنا الرأي عندي يا سيدي أن تكاتب جميع العشاير والقبائل الموجودة بهذه الديرة وتخبرهم أنك خصم (٤) بيت ملحم وتريد تنكيسهم وتطلب منهم اظهار حالهم للوجود. فمن كان معك يرحل وينزل بقربك ويظهر حاله ، ومن كان ضدك يبتعد وينزل بقرب مهنا ويظهر حاله أنه خصمك ، وبهذه الطريقة تكون عرفت صديقك من عدوك ، وتكون كشفت ما تخفيه قلوب العربان ، وعندئذ اعمل ميزانك واعرف شغلك. فسرّ من هذا الشور ورآه غاية الصواب وقال : يا خطيب حقا إنك صاحب تدبير. فقلت له حالا : يا سيدي أنا غشيم وولد لا أعرف شيئا ، ولكن إذا كنت
__________________
(١) بياض بعد هذه الكلمة إلى نهاية صفحة ٢ / ٣٦.
(٢) الجمّال.
(٣) بياض في الأصل نحو ربع صفحة ، إلى نهاية ورقة ١ / ٣٧.
(٤) «ضشمان».