من الدريعي ابن شعلان إلى بركز (١) ابن اهديب ، أعلم يا بركز أن مردود عليك النقا التام ، فكن على حذر (٢) ، إن مكنني الله سأجازيك على فعلك هذا أضعافا ، فنهار غد نحرّك جوادنا لقتالكم ، ولا أرجع عنكم حتى لا يبقى في قبيلتكم من يخبر عنكم ، يا خائن ، يا عثماني ، يا فاسخ عهود العرب ، الذي خرق رسوم عنزة ، الذي أساء بسمعة (٣) العربان بفعاله الردية ، يا قتّال ضيوفك ، يا أسود الوجه ، إعلم أن دم عبد الله غال جدا لا أرضى نظيره كل عشيرتك فأنذرك يا خائن فكن على حذر (٤).
فمن هذا الكلام اصفر وجه بركز والحاضرين وقالوا : لو كان عبد الله قتل كنا حسبنا حسابا كبيرا ، ولكن نحمد الله لأن عبد الله حي. و [بحسن] تدبيره و [بعد] نظره لا يحدث إلا الخير. فقلت كونوا في برج الراحة ولا تفكروا بشيء لا يصير إلا الخير. هاتوا لنا الغداء عاجلا كي نمشي ونلحق [بعربنا] قبل بساعة لنطفي هذه النار ، لأنهم متى رأوني حيا يهون الأمر. فحضر الغداء وبعد القهوة ودعناهم حالا وركبت وبعد قليل وصلت (٥). فحين رآني الشيخ إبراهيم مقبلا عليه وأنا على أحسن حال (٦) ، وقع على الأرض وصار يبكي ويقبل الأرض ويشكر الله. وركض الدريعي علي وجميع الحاضرين وهم لا يصدقون من شدة الفرح ، فجلسنا وحكينا لهم كل ما جرى من الأول إلى الآخر ، وبرّدنا همتهم وقدمنا العبد بدلا من العبد الذي قتل ، وعملنا على تهدئة خاطر الدريعي على بركز ورفعنا فكرة (٧) الحرب التي كانوا مهتمين بها ، لأني وجدت العرب جميعهم حاضرين ومستعدين ، وكان مرادهم أن يركبوا في اليوم التالي على الموايجة. فتقع أمور رديئة جدا فتلافيناها (٨). وذهبنا ثاني يوم وبعد تلك ١ / ٧٦ المرحلة نزلت إلى القريتين وسلمت على الشيخ رجب وعلى الخوري وعلى موسى بن ورده / وعلى كل المحبين وفي اليوم التالي وجدنا ساعيا إلى حلب وأرسلناه ليحضر لنا الدراهم وجلسنا نستريح ونغسل شقاء جسدنا من التعب.
__________________
(١) كذا في هذه الصفحة من المخطوطة وما بعدها ، والصواب برجس كما الصفحات السابقة.
(٢) «حضر».
(٣) «رذّل».
(٤) «حضر».
(٥) يقول الصائغ صفحة ١٧٨ أنه سار عشر ساعات سيرا حثيثا قبل أن يكشف على نزل الموايجه ، ولعل الدريعي كان اقترب من خصومه.
(٦) «طيب».
(٧) «همة».
(٨) «فمضت المادة».