امرأة من العرب ، منهن بأيديهن بصل يشممنني إياه ، وبأيدي غيرهن شرائط (١) محروقة ١ / ٧٥ وصوفات محروقة ، ومع غيرهن شعر محروق ، وأناس ترش الماء على وجهي / وواحدة منهن ماسكة بيدي تشد عليها وتقول : لا تخف يا عبد الله ، تراك عند بنت الهدال ، سكن روعك وقوي قلبك ، أنت عند بنت الهدال ، والله لا أخلي يصيبك مطر السماء ، لا تخف افتح عينيك. فصرت أسهو ولم يبق لي إدراك لأعرف أين أنا وأصبحت مهبولا (٢) ، أرى الناس بعيوني ولكني لا أستطيع الكلام ولا أعرف نفسي عند من أنا موجود ، إذ قد ذهب من عقلي كل شيء ونسيت وصرت مثل الطفل الذي لا يدرك شيئا. فأخذت تسقيني زبدة مذوبة إذ يبس حلقي (٣) ، ولساني مربوط وحالتي حالة الموتى. ودمت على هذه الحالة الشنيعة كل تلك الليلة ، وعند الصبح وعيت نوعا ما وصرت أتكلم رويدا. فدخل برجس حتى يراني ويتصالح معي ، فحلفت امرأته بحياة رأس أخيها عبد الله الهدال أنه لا يدخل عندها حتى يشفى عبد الله ويعود كما كان. فأقمت ثلاثة أيام وثلاث ليالي عندها وهو لا يدخل البيت بل إنه كان ينام خارجا عند الضيوف ، وما دخل البيت بسبب اليمين الذي حلفته. فبعد هذه الأيام الثلاثة ركن قلبي ورجع عقلي وملكت حواسي فدخل برجس وغار (٤) عليّ حتى يصالحني ، فامتنعت عنه ولم أرد الصلح ، فصار الحاضرون يترجوني أن أصالحه وأسمح عما مضى ، فما كنت أقبل بذلك وأخيرا أتت امرأته وقالت : إكراما لخاطري صالح برجس وتآخ معه ، فما مضى قد مضى. فلم أستطع أن أرفض طلبها لأن حياتي على يدها ، فقمت وصافحته وصالحته على شرط أن يكون هو أول محب لنا ، ويتحد معنا ويضرب ختمه في شروطنا ويكون معنا على الخير والشر. فقبل ذلك وتصافحنا ثانيا. وأهداني عبدا لأقدمه للدريعي بدلا من العبد الذي قتل ، واسمه جوهر ، وقال برجس : قتلت لكم فضة وعوضت عنه بجوهر وهو أغلى وأثمن. ثم خرجنا من [بيت النساء](٥) إلى مجلس الرجال فأمروا بالذبائح وابتدأوا يعدون ٢ / ٧٥ ضيافة الصلح ، وراقت الأمور وحصل الحظ والإنشراح. وفيما نحن / على هذه الحال قبل الغداء ، إذ وصل مكتوب من الدريعي إلى برجس لأن الخبر كان بلغه بأني قتلت وأن العبد قد قتل. وكان بهذه اللفظات :
__________________
(١) «شراطيط».
(٢) «مبهول مبضول (؟)».
(٣) «زلاعيمي».
(٤) أقبل.
(٥) «إلى برا».