أهالي بلاد الحجاز واليمن. وهذا شيء ضد طبعهم لأنهم أولا يحبون أن يأخذوا ويكرهون أن يعطوا ، وهو يأخذ عشر المال منهم بالغصب ، وعمله هذا كأنه نوع من البلص وخصوصا أن المزكي (١) الذي يحضر من طرف الوهابي ينتقي ما يعجبه من كل عشرة رؤوس واحدا ، سواء كان ذلك من جمال أو نوق أو هجن أو خيل نجدية (٢) أو غنم أو دراهم ، وهذا يصعب جدا على العربان ويزرع العداوة في قلوبهم. وثانيا أنه يستعبدهم بالصلاة ، كل يوم خمس مرات ، والذي لا يصلي يقتل ، وهو يستجرهم دائما إلى الحروب والقتل. فهم والحالة هذه رعايا يبتزّ أموالهم وعسكر دون نفقة (٣) يقتلون بسببه. ولذا ضجت (٤) العربان منه كثيرا ولكنهم يطيعون خوفا منه لأنهم ليسوا على رأي واحد ليكونوا عصبة عليه.
ثم قال فارس الجربا للدريعي : أريد منك أن تجمعني مع عبد الله الخطيب الذي عندك ، إذ بلغني أن عندك جماعة أصحاب معرفة وتدبير. قال نعم. وبالحال أتى العبد وصاح علينا ، وكنا في خيمتنا الصغيرة مكبين على الكتابة ، فحضرت وسلمت عليه وترحبت به ، وعرّفني الدريعي به وشكره لي جدا. فقال : أريد منك ظهرة (٥) أي خلوة ، والسبب في هذه التسمية أن الحضر ، سكان المدن ، يختلون داخل [البيوت] ليتكلموا بالأمر الواقع السري ، وأما العرب فإنهم بعكس ذلك يخرجون إلى ظاهر البيوت ، ويبعدون عنها قليلا ويجلسون في أرض سهلة ، لا يكون حولهم شيء ولا يستطيع أحد أن يسمعهم. فنهض الدريعي وفارس وقمت معهما ، فقال الدريعي : ادع (٦) الشيخ إبراهيم ، لأن من الأنسب أن ٢ / ٥٠ يكون معنا ، إذ لا بد أن يحتاج الأمر إلى تدبيره الجيد. / فجلسنا للحديث ، فقال فارس للدريعي : قد بلغني جميع ما صدر منك في بر الشام ، وقد عملت حسنا وأصبت المراد ، وخصوصا بقتل ناصر ، فإنك خلصت إخوانك العرب من شره ، وكذلك خصومتك مع هذا الظالم ابن سعود. وقد تأكد عندي بعلم اليقين أن جميع ذلك نتيجة تدبير هؤلاء الأشخاص ، وأومأ بيده علينا. وإني أريد أن أكون معكم برأي وفعل وقلب واحد ، في كل
__________________
(١) «المذكي».
(٢) «نجادي».
(٣) «ببلاش».
(٤) «ضجرت».
(٥) «ظهرا».
(٦) «عيط».