قطيع الغنم ، والتي للأكل تكون بيضاء مثل الثلج ، وحين تتقدم بالعمر يجعلونها للتحميل. وأما النوق فإنهم يرغبون فيها لأجل النسل (١) والحليب ، لأنهم يشربون حليب النوق بكثرة ، ومن كثرته يسقونه أيضا الخيل الأصايل ، كل ليلة شربة عند المساء ، حيث أنه يغذّي ويقوي عصب الخيل. ونحن في الأول ما صار لنا نفس نشربه ، وأخيرا جربنا وتبين لنا أنه طيب جدا وحلو ، وهو أكثر حلاوة من حليب الغنم والماعز ، ولكن لا يعطي سمنا كما يستخرج من حليب آخر.
ثم رحلنا ثاني يوم ونزلنا في أرض يقال لها شعب اللوز ، على نبع ماء القريتين ، وفي غير نبعه ، وهي أرض عظيمة بها مرعى ومياه كثيرة. فبعد يومين إذ بالرعيان يصيحون : يا أهل الخيل. وكان الطرش بعيدا نحو ساعتين عن البيوت ، فركبت الخيل وطلبته. وكان غزو كبير من عرب الوهابي نحو ألف خيال وألفي مردوف ، فوقعت حرب شديدة ودخل الليل. فانكسر الدريعي لأن ما كان معه غير نحو خمس مئة خيال فقط ، وربح العدو (٢) وراح بمكسبه.
فثاني يوم أخذني الشيخ إبراهيم وذهبنا وحدنا إلى نبع القريتين. فقال لي : إن هذا الرجل طبق مرادي ، ولكن لأجل غايتي يجب أن تكون جميع قبائل البادية (٣) وعشائرها في طاعته ، حتى إذا أراد أمرا من الأمور لا يعارضه أحد ، فيجب أن تعمل الطرائق والوسائل من ٢ / ٤١ جميع الأنواع ، بحرب كان أم بالمليح ، / بالتهديد أم باللسان الحلو للوصول إلى الغاية التي أريدها. أريد منك أن يكون هذا الرجل مسموع الكلام ومطاعا من حد أبواب حلب إلى حدود الهند الشرقية (٤) ، ولا يكون هناك مانع ولا خصم (٥). فقلت : يا سيدي هذا أمر صعب جدا ، لأن حال العربان معروف ، فهم جماعة أحرار في ذاتهم ، فلكل قبيلة شيخ أو أمير يحكمها ، ولم يستطع أحد في زمن من الأزمان أن يسيطر عليهم أو يجعلهم تحت حكم ، فأخاف إذا ابتدأنا بمثل هذه الأمور أن يحصل لنا ضرر. قال : من دون ذلك لا يمكن تتميم أغراضي. فقلت : معونة الله على كل أمر عسير.
__________________
(١) «الخلفة».
(٢) «الضشمان».
(٣) «الشول».
(٤) «لحد حدود الهند الشرقي» ، كذا وهو يريد الغربي.
(٥) ضشمان.