ثم ثاني يوم حضر المزكي الذي كان أرسله إلى بعض قبائل عرب ، نواحي ديرة الحضرموت (١) ، وأحضر معه الزكاة يعني الجزية فأدخل الجميع للسرايا ، فذهبنا لنراه ، وكان
__________________
يقتدون بالمسلمين فيما يتعلق بالشهادة ، فهم يحذفون منها الكلمات الأخيرة فتصبح فقط «لا إله إلا الله». فمن الممكن أن نعتبرهم موحدين [ـ إلهيين] بتمام معنى الكلمة» (وصف ولاية بغداد ، باريس ، ١٨٠٨).
وكان من جراء هذه الدعاية الكاذبة ، أن الأتراك كانوا يقولون عن أتباع محمد بن عبد الوهاب أنهم أعداء الدين. وبعد أن اطلع العلامة الشيخ حمد الجاسر ، صاحب مجلة العرب الغراء ، على ما ذكره الصايغ ، كتب مشكورا إلى محقق هذه المخطوطة ما نصه : «هذا الكلام مملوء بالأخطاء الشنيعة» :
١ ـ القول بأنه لا يستقبل جهة مكة ، وهذا غير صحيح فأتباع الإمام محمد بن عبد الوهاب حنابل المذهب ويرون استقبال القبلة (الكعبة) من أركان الصلاة إذا لم يستقبل المصلي القبلة بطلت صلاته وهذا أمر لا شك فيه ويعرفه حتى المبتدئ من طلبة العلم.
٢ ـ الدعاء في أخر الصلاة وفي كل وقت مشروع بأن يعز الله الموحدين ويذل المشركين ، والمشركون ليسوا المسلمين ولكنهم الذين يصرفون شيئا من أنواع العبادة لغير الله ، وأنواع العبادة كثيرة وهي كل الأمور المحمودة شرعا التي أمر الله بها مثل الصلاة والدعاء والاستغاثة ، فهم لا يجيزون دعاء أحد من الأموات سواء كان نبيا أو عبدا صالحا بل يحبون الأنبياء كلهم ويتبعون ما شرعه الله ولكن لا يصرفون لهم شيئا من أنواع العبادة.
٣ ـ وأما قوله عن محمد صلىاللهعليهوسلم لا يبغضه ولا يحبه ، فهذا كلام باطل ، فمن أصول عقيدة أتباع الشيخ محمد كغيرهم من المسلمين محبة الرسول محمد صلىاللهعليهوسلم وطاعته وتقديم أمره على أمر أي إنسان مهما كان ، ولكن طاعته ومحبته لا تجيز أن يصرف له شيء من العبادة بأن يدعى أو يستغاث به ، فالدعاء والاستغاثة لله القادر على ذلك ، ومن لم يحب الرسول محمدا فإسلامه غير صحيح ، ويعتبر كافرا يجب قتله عندهم.
وأما زيارة قبره فهي من الأمور المحبوبة ولكن لا لدعائه هو بل ليدعى له ويسلم عليه سلاما شرعيا ويصلى عليه.
فأتباع الشيخ محمد يفرقون بين حق الله وحق رسوله محمد ، فحق الله العبادة وحق الرسول الطاعة وامتثال الأمر وفق الشريعة الثابتة في القرآن وفيما صح عن الرسول صلىاللهعليهوسلم.
والموضوع يحتاج إلى تفصيل لا تتسع لها هذه الرسالة وكثير من الأمور المنسوبة إلى الوهابيين هي كما يعتقد الأستاذ لا صحة لها وهي من تأثير الدعاية في ذلك العصر.
(١) (الأضراموط).
انصافا لفتح الله الصايغ نضيف إلى تعليق الأستاذ حمد الجاسر ما جاء في كتاب حافظ وهبة [الجزيرة العربية في القرن العشرين] تحت عنوان «ما ينسب إلى النجديين وهم أبرياء منه».
«وقد نسب إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب والآخذين بدعوته كراهيته النبي صلىاللهعليهوسلم ، والحط من شأنه وشأن الأنبياء والأولياء والصالحين» ...
«ونسبوا إليهم القول بإن العصا خير من النبي ... ولقد سمعت في نجد أن حكّام نجد الشمالية أثناء