من رجوعه إلى الوطن ، ونحن ذاهبون إلى أماكن وعند أناس أنجس من الحرب. وعند ما أفهمتني أنك تنوي الذهاب عند العرب ، ما عدت أفكر أني سأعود إلى وطني بالسلامة ، بل أني سأقتل وتأكل جسدي وحوش الفلاة (١) ، أو قد يقوم ابن حلال بطمر جسدي (٢) في الرمل ، أمّا أن أرجع بالسلامة ، فإن الأمل ضعيف. ولذا يجب أن تكون قوي العزم. واعلم أن هذا الشيخ وإن كان طاعنا في السن وفهيما ، ولكن معرفته لا تتعدى أمور قريته وفلاحيه وبيته وأولاده. أما الأمور مثل التي نسعى نحن في تحقيقها (٣) ، فهي لا تدخل في عقله ولا سمع بها قط. وعليه كن مرتاح البال ولا تخش شيئا ، فبعون حامينا ، سلطان الخير ، لا يحصل لنا شر أبدا. ولكن لا تعد إلى مثل هذا الحديث مع شيخ القرية ، ولا تذكر اسم العرب بفمك أمامه ، ولكن طاوعه على عقله إلى أن تتسهل أمورنا وتكون طبق مرامنا.
فسرّ الخواجه لاسكاريس من هذا الكلام وقال : الآن أصبحت متأملا بك كما أني ٢ / ٢٠ متأمل بالله. ثم انصرف الناس ، وقمنا بدورنا ودخلنا إلى غرفة فرشت لنا ، ونمنا تلك الليلة. /
__________________
(١) «الجول».
(٢) «أو بصح ابن حلال بطمر جسدي».
(٣) يستدل من هذا الكلام على أن لاسكاريس كان أطلع ترجمانه على حقيقة نواياه ، أو على البعض منها ، ولكن يظهر من سياق القصة ، أن الصايغ ظل جاهلا غايات معلمه إلى حين ذهابه عند الدّريعي بن شعلان (انظر ص ٩٥).