قال ابن عباس :
سميت المرأة مرأة لأنها خلقت من المرء ، وسميت حواء : لأنها أمّ كل حيّ.
وكان آدم وحشيا في الجنة لا يطمئن إلى أحد حتى خلقت حواء منه ، وهو نائم ، فلما أن استيقظ ، وهي جالسة إلى جنبه ، فقال : من أنت؟ فقالت : أنا زوجتك لتسكن إليّ ، قال : نعم ، فسكن إليها (١).
قال عطاء :
لما سجدت الملائكة لآدم نفر إبليس نفرة ثم ولّى مدبرا ، وهو يلتفت أحيانا هل عصى أحد ربه غيره إلّا إبليس ، فعصمهم الله ، ثم قال الله لآدم : قم يا آدم فسلّم عليهم ، قال : فقام فسلّم عليهم وردوا عليه ، ثم عرض الأسماء على الملائكة وهو سرح الجنة ، فقال الله لملائكته : زعمتم أنكم أعلم منه ، (أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)(٢) قالوا : سبحانك إن العلم منك ولك ، ولا علم لنا إلّا ما علمتنا ، وذلك قوله عزوجل : (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ)(٣) قال : والعلم يرجع من رجل إلى رجل ، ويأثره رجل عن رجل حتى يجيء العلم إلى الله ولا يأثره عن أحد فإنه هو العليم ، علم ما هم إليه صائرون.
قال : فلما أقروا بذلك (قالَ : يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ)(٤) ، فقال آدم : هذه ناقة ، جمل ، بقرة ، نعجة ، شاة ، فرس ، وهو من خلق ربي ، فكل شيء سمّى آدم فهو اسمه إلى يوم القيامة ، وجعل يدعو كل شيء باسمه حتى يمر بين يديه ، حتى بقي الحمار وهو آخر شيء مر عليه ، فخالف الحمار من وراء ظهره ، فدعاه آدم : أقبل يا حمار ، فعلمت الملائكة ، أنه هو أكرم على الله وأعلم منهم.
ثم قال له ربه : يا آدم ، ادخل الجنّة تحيا وتكرم ، قال : فدخل الجنة ، فنهاه عن الشجرة قبل أن تخلق حواء ، فكان آدم لا يستأنس إلى خلق في الجنة ، ولا يسكن إليه ، ولم يكن في الجنة شيء يشبهه ، فألقى الله عليه النوم وهو أول يوم كان ، قال : فانتزعت من ضلعه الصغرى
__________________
(١) تاريخ الطبري ١ / ٦٩.
(٢) سورة البقرة ، الآية : ٣١.
(٣) سورة يوسف ، الآية : ٧٦.
(٤) سورة البقرة ، الآية : ٣٣.