أيّوب وامرأته : يا ربّ ، دعهم في الجنّة وأعطنا غيرهم (١) ، قال قد فعلت.
قال ابن عباس :
فمن زعم أنّ أولاده نشروا وبعثوا فقد كذب (٢). وقال جبريل : إنّ الله يأمرك أن تأخذ (بِيَدِكَ ضِغْثاً)(٣)(فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ)(٤) وذلك أنه أمره أن يأخذ ضغثا فيه مائة ساق من عيدان القتّ (٥) ، فيضرب به امرأته لليمين التي حلف عليها (٦). قال ابن عباس : ولا يجوز ذلك لأحد بعد أيّوب إلّا الأنبياء. قال : وبعث الله سبحانه (٧) فأمطر عليه في داره ـ بعد صلاة العصر حتى توارت بالحجاب ـ جراد الذّهب.
وفي حديث عكرمة قال :
أتى إبليس فقيل له : هذا أيّوب قد خلّينا بينك وبينه فأت فيه بما قدرت عليه من شيء إلّا اثنتين ، قال إبليس : وأيّ شيء هاتين الثنتين التي منعتنيها. قال : قال له الرسول : يقول لك ربّك : ليس لك أن تخرج نفسه ثم تعيدها ، وليس لك على امرأته سلطان. قال : وعلم الله بما يلقى أيّوب ممّا لم يعلم إبليس ، فجعل امرأته عونا له. قال إبليس : فنعم. قال : وكان أيّوب هو بنى المصلّى الذي كانوا يصلّون فيه ، وكان منزله فيه ، وكان ذا ماشية ورقيق ، وكان إمامهم ، قال : فأقبل على ماشيته فأفناها ، قال : فلا يرى من أيوب شيئا يحبه ، قال : ثم أقبل على رقيقه فأفناهم ، فلا يرى شيئا يحبه ، قال : ثم أقبل على ولده فأفناهم فلا يرى شيئا يحبّه ، قال : فأقبل على أيّوب في بدنه فابتلاه بلاء شديدا.
فلمّا اشتدّ بأيّوب البلاء ، وذهبت ماشيته ورقيقه وولده ، فلم يبق إلّا هو وامرأته ، قال لها : يا هذه ، انظري إلى ما آمرك به فاصنعيه ، قالت : وما هو؟ قال : احمليني فألقيني في
__________________
(١) انظر البداية والنهاية ١ / ٢٥٨ وقيل : أحياهم الله بأعيانهم وروى ابن عباس عن نبي الله صلىاللهعليهوسلم في قوله (وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ) قال : يا بن عباس رد الله امرأته إليه ، وزاد في شأنها حتى ولدت له ستة وعشرين ذكرا. راجع ترجمة أيوب المتقدمة ١٠ / ٧٧.
(٢) انظر الحاشية السابقة.
(٣) الضغث كالعثكال وهي قبضة من قضبان مختلفة يجمعها أصل واحد مثل الأسل.
(٤) سورة ص ، الآية : ٤٤.
(٥) القت : الفصفصة ، وهي الرطبة من علف الدواب.
(٦) وكان قد أقسم لما جاءته بطلب من إبليس تحاول أن تسقيه شربة من خمر فيها شفاؤه ، قال لها : لله عليّ إن عافاني لأجلدنك مائة جلدة. راجع ترجمة أيوب المتقدمة ١٠ / ٦٧.
(٧) كذا.