إلى أبي؟ فلم تزل بها أسماء حتى أخبرتها الخبر ، فضجت أسماء من شكوى صفية لها وتعذرت منه ، فبلغ صفية ما كان منها ، فغضبت ، وقالت للزبير : يكون بيني وبينك شيء فترفعه إلى امرأتك وتؤثرها عليّ ، فقال ـ وهو لا يعلم من نقل الحديث ـ لا والله يا أمتاه ما فعلت ، فازدادت غضبا. وكان غضبها ما لا يطاق فاندفعت تقول :
عالجت أزمان الدهور عليكم |
|
وأسماء لم تشعر بذلك أيّم |
فيكثر أن عوفيتم (١) وسلمتم |
|
سروري وإني إن مرضتم لأرزم |
وتؤثر أخرى لم تلدك على التي |
|
لها الحق ينثوه فصيح وأعجم |
فلو كان في الكفار زبر عذرته |
|
ولكن زبرا أيها الناس ، مسلم |
وعلم الزّبير من حيث خرج الخبر ، فقال لها : يا أمتاه ، التي خرج الحديث منها ابنتك خديجة ، قالت : كذاك لا تدخل على خديجة أبدا.
أخبرنا أبو علي الحداد وغيره إذنا ، قالوا : أنا أبو بكر بن ريذة ، أنا سليمان بن أحمد ، نا أحمد بن زيد بن هارون ، نا إبراهيم بن المنذر الحزامي (٢) ، نا عبد الله بن محمّد بن يحيى ابن عروة ، عن هشام بن عروة قال :
ضرب الزّبير أسماء بنت أبي بكر فصاحت بعبد الله بن الزّبير ، فأقبل ، فلمّا رآه قال : أمك طالق إن دخلت ، فقال له عبد الله : أتجعل أمي عرضة ليمينك؟ فاقتحم عليه ، فخلّصها منه ، فبانت منه.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، بقراءتي عليه ، عن أبي محمّد الحسن بن علي ، أنا ابن حيوية ، أنا ابن معروف ، أنا ابن الفهم ، نا ابن سعد (٣) ، أنا عفان بن مسلم ، نا حماد بن سلمة ، نا هشام بن عروة : أن الزّبير طلّق أسماء فأخذ عروة وهو يومئذ صغير.
قال : ونا ابن سعد (٤) ، أنا عبيد الله بن موسى ، أنا أسامة ، عن محمّد بن المنكدر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لأسماء بنت أبي بكر : «لا توكي (٥) فيوكي الله عليك» ، فكانت امرأة سخية النفس [١٣٦٩٦].
__________________
(١) بالأصل : عوقبتم.
(٢) من هذا الطريق رواه الذهبي في تاريخ الإسلام ٣ / ١٣٤ و ١٣٥.
(٣) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٨ / ٢٥٣.
(٤) طبقات ابن سعد ٨ / ٢٥٢.
(٥) يعني لا تدخري وتشدي ما عندك ، وتمنعي ما في يدك.