ووجد بها إبراهيم وجدا شديدا ، فنقلها إلى مكة ، فكان يزورها في كل يوم من الشام على البراق من شغفه بها ، وقلة صبره عنها.
أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر ، أنا إبراهيم بن عمر البرمكي ، أنا محمّد ابن عبد الله بن خلف بن بخيت (١) الدقاق ، نا إسماعيل بن موسى الحاجب ، نا جبارة ، نا علي بن مسهر ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن يحيى بن أبي رافع في قوله : (فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ)(٢) ، قال : صيحة ، فولولت.
قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن ، عن أبي تمام علي بن محمّد ، عن أبي عمر ابن حيوية ، أنا محمّد بن القاسم ، نا ابن أبي خيثمة ، أنا الفضل بن غانم ، عن سلمة بن الفضل ، عن ابن إسحاق قال :
كان إسماعيل بكر إبراهيم ، وأكبر ولده ، فلمّا ولدت سارة لإبراهيم إسحاق فذكر لي بعض أهل الكتاب أنّها لما ولدت جعل الكنعانيّون يقولون : ألا تعجبون لهذا الشيخ ولهذه العجوز (٣) وجدوا صبيا سقيطا فأخذاه يزعمان أنّه ولدهما ، وهل يلد مثلها من النساء ، فكوّن الله صورة إسحاق على صورة إبراهيم حتى لا يراه أحد إلا قال : والله إنه لمن الشيخ.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو علي الروذباري ، أنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن بكر القاضي ، ببغداد ، نا الحسن بن علي بن شبيب قال : سمعت أحمد بن أبي الحواري قال : سمعت سفيان بن عيينة يقول :
شكا إبراهيم إلى ربه ما يلقى من رداءة خلق سارة ، فأوحى الله إليه : يا إبراهيم البسها (٤) على ما كان فيها ما لم تجد عليها خزية (٥) في دينها.
أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنا أبو
__________________
(١) في «ز» : نجيب ، تصحيف.
(٢) سورة الذاريات ، الآية : ٢٩.
(٣) كان عمر سارة يوم ولدت إسحاق تسعين سنة ، كما في الطبري وتاريخ اليعقوبي ، وقال ابن الأثير : سبعين سنة.
وكان عمر إبراهيم : مائة وعشرين سنة ، كما في الطبري ومروج الذهب والكامل لابن الأثير ، وفي المعارف وتاريخ اليعقوبي : مائة سنة.
(٤) يقال لبست فلانا على ما فيه : احتملته وقبلته ، ويقال : البس الناس على قدر أخلاقهم أي عاشرهم (تاج العروس : لبس).
(٥) تقرأ بالأصل و «ز» : «خربة» ولا معنى لها هنا ، والمثبت عن المختصر ، والمطبوعة.