أبي عون قال : كان في السبي أخت عدي بن حاتم لم تقسم ، فأنزلت دار رملة بنت الحارث ، وكان عدي بن حاتم قد هرب حين سمع بحركة علي ، وكان له عين بالمدينة فحذّره فخرج إلى الشام ، وكانت أخت عدي ، إذا مر النبي صلىاللهعليهوسلم تقول : يا رسول الله هلك الوالد ، وغاب الوافد ، فامنن علينا منّ الله عليك كلّ ذلك يسألها رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من وافدك»؟ فتقول : عدي ابن حاتم ، فيقول : «الفار من الله ورسوله؟» حتى يئست ، فلمّا كان يوم الرابع مرّ النبي صلىاللهعليهوسلم فلم تكلّم فأشار إليها رجل : قومي فكلّميه ، فكلمته ، فأذن لها ووصلها ، وسألت عن الرجل الذي أشار إليها ، فقيل : علي ، وهو الذي سباكم أما تعرفينه؟ فقالت : لا والله ما زلت مدنية طرف ثوبي على وجهي ، وطرف ردائي على برقعي ، من يوم أسرت حتى دخلت هذه الدار ، ولا رأيت وجهه ولا وجه أحد من أصحابه [١٣٧٤٩].
أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمّد ، ثم أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أحمد ابن الحسن بن خيرون ، قالا : أنا أبو القاسم بن بشران ، أنا محمّد بن أحمد بن الحسن ، أنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة ، نا المنجاب بن الحارث ، أنا أبو عامر العقدي (١) عن عبد العزيز بن أبي روّاد (٢) قال المنجاب : وأنا إبراهيم بن يوسف ، أنا زياد ، عن ابن إسحاق قال (٣) :
قال عدي بن حاتم فيما بلغنا : ما رجل من العرب كان أشدّ كراهية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم حين سمع به مني ، أما أنا فكنت امرأ شريفا وكنت نصرانيا وكنت أسير في قومي بالمرباع ، وكنت في نفسي على دين ، فكنت ملكا في قومي للذي كان يصنع أبي (٤) ، فلما سمعت برسول (٥) الله صلىاللهعليهوسلم كرهته ، فقلت لغلام لي وكان راعي الإبل : لا أبا لك ، أعدد لي من إبلي جمالا ذللا (٦) سمانا ، مسان (٧) ، فاحبسها قريبا مني ، فإذا سمعت بجيش محمّد قد وطئ هذه البلاد
__________________
(١) بالأصل و «ز» : الأسدي ، تصحيف ، والصواب ما أثبت ، واسمه عبد الملك بن عمرو القيسي ، أبو عامر العقدي البصري ترجمته في تهذيب الكمال ١٢ / ٦٩.
(٢) بالأصل : رواء ، والمثبت عن «ز».
(٣) الخبر في سيرة ابن هشام ٤ / ٢٢٥ وما بعدها.
(٤) كذا بالأصل و «ز» ، وفي سيرة ابن هشام : لما كان يصنع بي.
(٥) بالأصل : «رسول» والمثبت عن «ز» ، وابن هشام.
(٦) ذلل جمع ذلول ، وهو الجمل السهل الذي قد ريض.
(٧) سقطت اللفظة من سيرة ابن هشام.